لم يعد سرا أن نقول بصراحة وموضوعية أن شجرة الحراك الشعبي المعارض بدأت بعض أوراقها بالتساقط وان «رياح الخريف» الحكومية عصفت بها فجف ربيع شجرة الحراك مبكراً، لذلك أينعت بعض رؤوس الحراك والمحسوبين على المعارضة وبدأت تترنح بين سيف الحكومة ومنسفها.
ولكي نرى الصورة بوضوح لابد أن نقترب من الواقع السياسي الراهن ونقيس أبعاده بدقة وحيادية، فمن الواضح أن المسافة بين الشارع والحراك تزداد ابتعادا بل كادت تتلاشى لولا حكم الحبس الابتدائي القضائي الذي صدر بحق مسلم البراك وهو ما جمع- مؤقتا- شتات المعارضة «بأغلبيتها وائتلافها ونهجها» وغيرهم حول شخص، ولم يجمعها حول قضية أو مبدأ مشترك، لأن رمزية مسلم البراك وتأثيره لايُنكر في الشارع، وهو الوقود المتبقي الممكن لإشعال فتيل الحراك السياسي الشبابي في البلد.. هذا في حال بقاء البراك في قلب المشهد الحراكي ولكن ماذا لو غابت رمزية مسلم البراك بحكم القضاء؟ هل سيصمد الباقون أم تتساقط بقية أوراق الشجرة؟
لايخفى أن هناك حالة استقطاب مدروسة وهادئة من قبل أطراف حكومية أو محسوبة على السلطة لبعض عناصر الحراك، وفي المقابل تمارس المعارضة دور المناكفة السياسية تجاه الحكومة بأسلوبها التقليدي، هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن رماد الحراك السياسي يخبئ تحته جمر متوهج من الخلافات وتصادم الأجندات بين «أعدقاء» المعارضة، لذلك لانستغرب إذا طالعتنا وسائل الإتصال والتواصل كل يوم بانقلاب مواقف بعض من كانوا محسوبين على الحراك المعارض أو بعض الداعمين له فنجدهم اصطفوا في معسكر الحكومة وباعوا القضية وكفروا بما سطرته أقلامهم وصدحت به حناجرهم ليعلنوها توبة نصوحة في محراب السلطة.
قلناها سابقاونعيدها اليوم: المعارضة تعيش «أزمة مكشوفة» فهذا يعني ضمنا أن الحكومة كسبت الجولة مبدئيا من خلال تكتيك سياسي محنك «لعب على متناقضات الأغلبية النيابية واختلاف» مرجعياتها الداعمة لكل طرف، فتضاربت الأجندات وتصادمت مصالح النفوذ المحركة لبعض قوى المعارضة لذلك برزت حركة «الردة السياسية» عند البعض تحت مسميات ومبررات مختلفة.
المصدر جريدة النهار
قم بكتابة اول تعليق