محمد المقاطع: الاتفاقية الأمنية في ميزان الدستور

وقّعت دول مجلس التعاون في 13 نوفمبر 2012 اتفاقية أمنية، وقد تم اعتمادها في الدورة 33 لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 24 و25 ديسمبر 2012، ولما كانت هذه الاتفاقية أثارت وتثير جدلا بشأن مدى توافقها مع النظام القانوني الكويتي من حيث الدستور والقوانين السارية، فإن من المهم بمكان أن نشير الى ان بعض أحكام هذه الاتفاقية يشكل مخالفة، إما لأحكام الدستور وإما للتشريعات الوطنية الكويتية، مما يتعذّر معه -في رأينا- إمكانية المصادقة عليها من مجلس الأمة:

1 – فالمادة الرابعة من الاتفاقية، والتي تشير الى تعاون كل دولة بإحاطة الأطراف الأخرى عند الطلب للبيانات والمعلومات الشخصية عن مواطني الدولة الطالبة أو المقيمين بها، فإن هذه المادة، فضلا عن تعارضها مع نص المادة 30 من الدستور، فإنها أيضا لا تتوافق وأحكام قانون المعلومات المدنية، الذي يحظر إعطاء مثل هذه المعلومات.

2 – تشير المادة العاشرة الى التكامل الفعلي للأجهزة الأمنية والتعاون الميداني وتقديم الدعم والمساعدة في حالة الطلب لمواجهة الاضطرابات الامنية والكوارث، وهذا يمثل مساسا لسيادة الدولة المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور، فضلا عن مساسها بنص المادة 159 من الدستور، مما يعني أنه ربما يكون سبب قبول ذلك في النظام الدستوري الكويتي أن تكون تلك القوات خاضعة وتحت إمرة قوات الأمن الوطنية.

3 – الفقرة الثانية من المادة 14 تجيز المطاردة البحرية حتى نقطة التقاء الدوريات، وهي مسألة تثير خلافا حول تعارضها مع الدستور من عدمه، إلا أن ما ذكرته هذه الفقرة بشأن إلقاء القبض وتسليم من تتم مطاردتهم داخل إقليم الدولة التي عبروا اليها الى اقرب مركز أو دورية تابعة للدولة التي بدأت المطاردة في إقليمها ما يفهم منه تعارض ذلك مع المادة 28 من الدستور و46 من الدستور، وهو ما ينبغي أن يتم تدقيقه من قبل مجلس الأمة، خصوصا أن هذه الفقرة أوردت استثناء لتطبيقها إذا كانت قوانين الدولة لا تسمح بذلك، وهو ما يمكن قبوله في شأنها.

4 – كما تسجل الملاحظة السابقة نفسها على المادة 16 التي تتعلق بتسليم المجرمين، نظرا لاختلاطها مع تسليم اللاجئين السياسيين، خصوصا أن المادة اكتفت بأن توجيه التهمة كافٍ للتسليم، وهذا محل نظر من الناحية القانونية.

وأخيرا يُحمد للاتفاقية أنها أحالت كما في المادة الأولى وغيرها من المواد إلى التشريعات الوطنية كقيد على التزام الدولة بتطبيق بنودها، وربما يكون ذلك مخرجا لمنع تطبيق نصوصها المتعارضة مع أحكام الدستور أو القوانين الكويتية.

اللهم إني بلغت.

أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع

dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.