حسب فهمنا لفهم السيد احمد السعدون، رئيس مجلس الامة السابق، للاتفاقية الامنية الخليجية المطلوب منا في الكويت الموافقة عليها او الانضمام لها، حسب هذا الفهم فان الحكومة هنا تسعى الى فرض مزيد من التقييد على الحريات كما تسعى في المقابل ايضا الى توفير حماية اكبر للسلطات والحكومات التي تتوافق معها. هذا التصدي للحريات وهذا الموقف المتشدد من الرأي العام ومن الالتزام الشعبي بمتابعة السياسة العامة ومراقبة السلطات ومحاسبتها تمثل ايضا في قانون الاعلام الموحد. واذا كانت الاتفاقية الامنية الجديدة قد اتت لتكون اسوأ بكثير، حسب شهادة السيد السعدون من الاتفاقية القديمة، فان قانون الاعلام الموحد الذي تراجعت عنه الحكومة هو اسوأ مرات من قانون المطبوعات المعمول به حاليا.
هذا النهج الحكومي يؤكد، ان السلطة هنا معنية بعناية في تحجيم القوى الشعبية وفي تقييد حرية المؤسسات المدنية وتكميم افواه المعترضين او حتى الممتعضين من السياسة العامة. نحن مع السيد السعدون في انتقاده وحتى تخوفه من الاستبداد القادم او المتوقع من السلطة. لكننا ايضا نجد «العذر» لها لانها في واقع الامر تستجيب وتلبي المطالب «الشعبية» التي حملها المتخلفون الذين يتحالف معهم الرئيس السعدون، ويغض النظر عن اخطائهم منذ زمن وحتى الآن المعنيون بالعمل الوطني الديموقراطي.
حكومتنا، او حكومة الشيخ ناصر التي اسقطها «الحراك الشعبي» هي التي رفضت او تحفظت على الاتفاقية الامنية. وحكومتنا هي من امتنع عن التدخل في احداث البحرين الداخلية الاخيرة. لكن ابطال «الحراك الشعبي» هم من طالب بارسال قوات كويتية، اي التدخل في الشأن البحريني، بل زادوا على ذلك بان استجوبوا رئيس الحكومة السابق الشيخ ناصر تحت دعاوى «تخادنه» مع ايران ضد البحرين. وحلفاء واصدقاء السيد السعدون أنفسهم من رحب بالكونفدرالية التي طرحتها المملكة العربية السعودية، بل ان بعضهم طالب بالانضمام الفوري للمملكة وللفدرالية وهم يعلمون، او من المفروض ان يعلموا، ان المملكة العربية السعودية ومعها بقية دول الخليج الخمس مرتبطة وموقعة جميعا على الاتفاقية الامنية.
على الجانب الاعلامي، ايضا احمد السعدون ومعه حلفاؤه استجوبوا وزراء الاعلام اكثر من مرة بحجة « تقاعسهم» عن احالة الصحف والقنوات التي انتقدتهم او توهموا انها انتقدتهم الى النيابة، او تسكيرها حسب الطلب الشعبي المفضل. بل ان السعدون مع الاسف جر بقايا القوى الوطنية معه ومع تحالفه القبلي الديني للمطالبة في الاندلس وفي العقيلة وفي ساحة الارادة باغلاق افواه الاعلام الفاسد.
اذا هؤلاء افضل ما عندنا من ساسة، وهؤلاء المناضلون من اجل الحريات عندنا فمن يلوم الحكومة على قبول الاتفاقية الامنية ومن يجد غرابة في ثقتها بتمرير قانون الاعلام المجنون؟
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق