ناصر العبدلي: أحلام اليقظة

إصرار البعض على تحميل الشيوخ وتنافسهم أو صراعهم على المناصب والمكاسب مسؤولية تردي الأوضاع السياسية يعتريه الكثير من عدم الحيادية والإنصاف، فإذا كان هناك شيخ أو شيخة يعيش أو تعيش حالة من الوهم، ويعتقد هو أنه المهاتما غاندي، أو تعتقد هي أنها «جان دارك» الكويت فهذا شأنهم، لكنهم لا يستطيعون في كل الأحوال أن يربكوا الساحة إلا من خلال أدوات.
بعضهم يرفع شعار صراع الأسرة الحاكمة من أجل إحداث ثغرة في الجدار الوطني والدخول منه إلى السلطة والمال العام، وما حالات تسخين الأجواء التي نراها سوى تهيئة الأجواء لمثل تلك الاختراقات، وليس كلها يقف خلفه طرف خارجي، بل هناك رؤوس أموال تصرف داخل الكويت من شخوص بعينها تملك حصة من السلطة أكبر بكثير مما يملكه رئيس الوزراء.
رؤوس الأموال تلك، ويبدو لي أن ذلك هو مكمن الخطورة، تتمترس خلف المخرجات الشعبية في كل المجالس السابقة تقريبا، وبعض تلك المخرجات يحرض الجماهير تحت «يافطة» الحراك الشعبي على الحكومة، من أجل تطبيق المثل الشعبي «هز النخلة وإذا باقي فيها عسقة انفضها»، وهو في هذه الحال لا يكترث بالدستور وتطوير الحياة السياسية بل «تراكم» رأس المال أهم بكثير.
بعض أبناء الأسرة ممن أصيبوا بالوهم «يلهث» في مؤخرة الركب، وتحركه لا يعني شيئا أبدا، لكنه يريحه نفسيا عندما يختلي إلى نفسه على اعتبار أن هذه الديوانية أو تلك أشادت به، أو أن هناك من يرى فيه شباب الشيخ مبارك الكبير أو الشيخ عبدالله السالم رحمهما الله أجمعين، وفي تلك الحال لم يحدث شيء سوى بعض عبارات النفاق والتملق وما أكثرها.
من يراهن على حدث يأتي من خارج نطاق العقلانية ووزن الأمور سيخسر بالتأكيد، فلا معجزات في هذا العصر، ولا خوارق في منطقة تكاد تكون عاجزة عن استيعاب معطيات الحضارة المعاصرة، ومادامت النصوص القائمة تسعف الثقافة السائدة فعلى الجميع أن يستظلوا بسقفها، فهي أدعى للاستيعاب من شطحات حالم هنا وواهم هناك، فأحلام اليقظة لن تستمر.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.