حاليا نحن على ما يبدو في مواجهة يبدو أنها ستكون صعبة، وربما أيضا شرسة مع الحكومة، ومع بقية المجاميع والقوى المناهضة للحريات حول هذه الحريات نفسها. عماد المواجهة وأساسها سيكونان الموقف من الاتفاقية الأمنية التي فُصلت لتقيد نشاط الإنسان الخليجي، وتحمي الحكومات فيه. بالإضافة الى قانون الإعلام الموحّد الذي انهزم مبكرا. لكن مجرد تقديمه والتفكير بإمكانية تمريره يؤكدان أن الموقف السلطوي من الحريات ليس مطمئنا وليس ديموقراطيا مع الأسف، خصوصا بوجود مجلس رحّب بعض أعضائه بالقانون، ولم يصدر أي منهم رفضا بارزا له، وإن تحفظ البعض بحياء على بعضه. المهم أن معركة الحريات مستمرة، ولم تبدأ اليوم ولم تبدأها أو تسنّها السلطة وحدها مع الأسف، كما يحاول أن يوهمنا البعض.
الحريات تعاني هنا من مجاميع التخلف الشعبية أكثر مما تعاني من تنمّر السلطة أو تجبّرها. فهذه المجاميع معنية بحماية عقائدها وحفظ الخرافات والأساطير التي تميزها وتزكيها على الغير. لهذا فإن قانون الإعلام المسخ أو قانون انس الرشيد الذي مرره «أقوى» مجلس أمة في الكويت بالإجماع. جاء ليتوافق مع مصالح جميع أعضاء المجلس وطموحهم، ويحقق رغبات كل القوى المناهضة للحريات. لهذا مر بالإجماع، ولهذا تحالف الكل لتمريره وإقراره.
اليوم تتكشف أضرار هذا القانون، ويتضح أكثر وأكثر أن إقراره كان بداية أو إشارة خضراء لكل أدوات القمع من أجل ممارسة قمعها وخنقها للحريات. لهذا لن نقف موقف المتفرج من الهجمة الرجعية المتخلفة على الحريات. ضروري جدا هنا ألا يعتقد أحد ان الهجمة متوقفة على الحكومة وحدها، فبالنسبة لنا.. الله يحلل الحكومة. فكما بينا يوم أمس.. ان اكثر اعداء الحريات هو من يتشدق بالدفاع عنها هذه الأيام. والأكثر خطرا عليها وعلينا نحن بالذات هو من يعتقد أنه يحصِّن نفسه بتقييد والحد من حرية الغير، والحكومة هنا تأتي في آخر المراتب. إذا تبقى مجاميع الردة الاجتماعية والدينية هي الأكثر اغتيالا وتصفية للأحرار والحريات.
هم من وضع بدايات قانون المطبوعات الحالي، وهم من حرّض على قمع حرية التعبير، وهم وليس أحد غيرهم من ابتكر عقوبة الإعدام في قضايا الحريات.
إن الحرية لا تتجزأ، ولا يتطلب الامر إلا «ثورا» كي يكتب تاريخ قتله أو سجنه. فمن يرضى بمصادرة حرية الغير، يرضى -شاء أم أبى- ببيع والتخلي عن حريته هو في المقابل. لهذا سنقف نحن مع من يريد ان يتصدى للدفاع عن الحريات، بشرط ان يتضمن هذا الدفاع جميع الحريات وجميع الاحرار وليس المنتقى منهم فقط.
***
• المستشفى العسكري، حسب مزاعم المراجعين، تحول إلى إحدى الجمعيات الدينية. فالديانة هي المسيطرة، والاعتقاد والمذهبية يحددان اللوائح والضوابط، فللزوار ملابس رجالية مشترطة وللنساء كذلك، أما العاملون فهمهم القيام بفرائضهم قبل واجباتهم، وإرضاء ملاك اليمين قبل تحقيق حاجة المريض، بمعنى أن الصلاة والعبادة أولاً، وبعدين مهمات علاج المرضى ومتابعتهم.. الناس يقولون إذا هذا المستشفى العسكري.. شلون مستشفيات وزارة الصحة؟
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق