“يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم, ان الله عليم خبير”(الحجرات 13 ).
يصعب تصديق أن من يكره “الاختلاف” والتنوع والتعددية في الحياة الانسانية ويعشق الخلاف والخصام والمنازعات يمكن أن يصبح شخصاً ديمقراطياً فعلاً. فمن يبدو لا يملك القدرة أصلاً بل ولا يظهر النية في قبول اختلاف الآراء بين الناس واختلاف أمزجتهم الشخصية ووجهات نظرهم وبخاصة حول إيجاد حلول عملية لقضاياهم المحلية, لا يمكن أن يصبح هكذا أشخاص ديمقراطيين ولو استمروا يتصنعون ذلك أو يطلقون الشعارات الرنانة. وحتى لو تكلف الكارهون للاختلاف وتصنعوا حرصهم على حرية الرأي والتعبير فيستمرون عثرة في طريق تحقيق ديمقراطية بناءة وإيجابية في المجتمع. فمن يرفض الاختلاف في الحياة الإنسانية يعشق عادة الخلاف والتماحك والمنازعات والسجالات ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يساهم في تكريس الديمقراطية أو حرية الرأي والتعبير المسؤولة أو التسامح في المجتمع. بل ما سوف يفعله هكذا بشر عندما يملكون أي نوع من السلطة, ربما ستكون محاولتهم القضاء على كل من يخالفهم الرأي أو من يختلف عنهم عرقياً أو طائفياً أو طبقياً !
إضافة إلى ذلك, من يكرهون ثقافة الاختلاف ويعشقون الخِلاف لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يكرسوا مجتمعاً تعددياً يحوي أعراقاً ومذاهب وثقافات متنوعة تتعايش بشكل سلمي. فأكثر ما يرهب الكارهون لثقافة الاختلاف هو وجود شخص آخر مختلف عنهم عرقياً أو مذهبياً أو دينياً أو ثقافياً أو لا يميل ميلهم أو يعارضهم في الرأي! فالاختلاف والتعددية الفكرية ¯ بالنسبة لمن يكرهونها- تعتبر تهديدات فعلية ضد أساليب الحياة الأنانية والتي يبدو ان البعض يسعى لفرضها على الآخرين المختلفين عنهم. بمعنى آخر, من يبدو انه يتضايق من وجود شخص آخر في المجتمع يحمل آراء مختلفة, سيعتبر وجود ذلك الشخص المختلف تهديداً مباشراً لوجوده.
الإختلاف والتنوع والتعددية هي سنن طبيعية في الحياة الإنسانية. فلا يمكن أن تترسخ ديمقراطية بناءة وهادفة ما لم تتكرس في المجتمع ثقافة الاختلاف والتسامح وقبول الرأي والرأي الآخر. فأكثر ما يهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي ويهدد الحرية الشخصية للأفراد العاديين هو الاصوات النشاز التي تكرس التفرقة في المجتمع وتسعى الى الخلاف والمنازعات والجدال العقيم. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق