عبدالله خلف
في افتتاح مجلس الامة الأول، ألقى الغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح خطاب الافتتاح في 1963/1/29 وهو النطق السامي، وخاطب اعضاء مجلس الامة والشعب الكويتي بهذه الحكم البليغة وهي لشاعر جاهلي قديم وهو الأفوه الأودي:
تُهدى الأمور لأهل الرأي ان صلحت
وان تولتْ فبالأشرار تنقاد
لا يصلحُ الناسُ فوضى لاسراة لهم
ولا سراة إذا جُهالهم سادوا
٭٭٭
نعم كل الأمور تهدى ان تولاها أهل الرأي وتصلح، وان ذهب أهل الرأي وجاء الرعاع الجهلة السفهاء الذين لا رأي لهم فتنقاد امور البلاد بالاشرار، هذه حكمة بليغة صالحة للانسان منذ عهود قديمة ساحقة في الجاهلية القديمة الى الآن.. خطاب تنويري يصلح لكل بلد ومكان وكل شعب.
والجهال قد يسودون عن طريق جهال آخرين قد اختاروهم، أو لفراغٍ في الوعي الاجتماعي، فجاء الجهال من الانتخابات.. والديموقراطية كالمنخل الذي يقذف الدقيق النقي ومعه الشوائب والاتربة.. هكذا يظهر في الانتخابات المثقفون والصالحون كما يظهر الجهلة واسافل القوم. الا اذا ارتقى الشعب كله وسما الوعي بالثقافة والعلوم – العلوم المكتسبة وليس المشتراة من الاسواق العربية والاجنبية.
هكذا هي المجالس العربية فيها الصالح والطالح.
وقصيدة الافوه الأودي ترد مرتبة ومختلفة وبناء القصيدة يأتي هكذا:
البيتُ لا يُبتنى الا له عمدٌ
ولا عماد اذا لم تُرْس أوتاد
فان تجمَّعَ أوتادٌ وأعمدةٌ
وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
لا يصلح الناس فوضى لاسراة لهم
ولا سراة إذا جُهالهم سادوا
تُهدى الأمور بأهل الرأي ما صَلُحت
وان تولَّتْ فبالأشرار تنقاد
اذا تولى سراةُ القوم أمرهم
نما على ذاك امرُ القوم فازدادوا
٭٭٭
ذكر ابن عبد ربه في كتابه القيم «العقد الفريد» حكاية عن هذه الابيات نقلا عن حماد الراوية، قال حماد ارسل اليَّ ابومسلم ليلا فراعني ذلك فلبست اكفاني ومضيت اليه، فلما دخلت تركني حتى سكن جأشي، ثم سألني ما الشعر الذي فيه أوتاد؟ قلت من قائله اصلح الله الأمير قال لا ادري حتى تذكرت قول الافوه الأودي فقلت:
البيتُ لا يبتنى الا له عمدٌ
ولا عماد اذا لم تُرْس أوتاد
فان تجمع أوتاد وأعمدة
يوما فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
وانشدته، والقول لحماد بقية الأبيات.
الجهلة والأميون واشباههم لم يكونوا واعين في الترشح والانتخاب وكلما تقدم الزمن جاء بهم ولو سارت الامور على هذا المنوال سيصل الى مجلس الامة غالبية جاهلة متخلفة هذا ما قال عنهم الشاعر:
اذا تولى سراةُ القوم أمرهم
نما على ذاك أمر القوم فازدادوا
البيت السابق:
تهدى الأمور لأهل الرأي ان صلحت
وان تولت فبالأشرار تنقاد
هكذا هو مجلس الامة وان جاء بنهج ديموقراطي فان الجهلة وشبه الجهلة سوف يقودون المجلس والذين عناهم الشاعربقوله (وان تولَّتْ فبالأشرار تنقاد..) واموال تصرف من الخارج للبسطاء والمهرجين والمشاغبين ليفوزوا لكي يحطموا مجلس الامة من الداخل والقضاء على الديموقراطية والدستور.
عبدالله خلف
المصدر الوطن
قم بكتابة اول تعليق