
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ” (الحجرات 12).
أعتقد أن المواطن الكويتي الحق هو من يحسن الظن بأبناء وطنه, فهو يعتبرهم شركاءه الحقيقيين في المصير الوطني. فحسن الظن هو المتطلب الرئيس لممارسة مواطنة حقة وصالحة يستحقها وطن معطاء مثل الكويت. فالوطن وتراثه وثوابته وتقاليده وحاضره ومستقبله هي الأرضيات المشتركة والتي تتفق عليها كل التوجهات الشخصية وكل الآراء, بل الوطن الكويت هي الموقع الأصيل الذي تنطلق منه الجهود الانسانية المتنوعة لبناء حاضر ومستقبل المجتمع. فالمواطن الكويتي الحق هو من يحسن الظن بأبناء وطنه لأنه يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من أسرة وطنية متعاضدة.
بل ان حسن الظن في أبناء الوطن ينبع من تراثنا الوطني المشترك. فيعرف عن أهل الكويت تعاضدهم وتسامحهم فيما بينهم. فمهما اختلفت الآراء حول القضايا المحلية المشتركة, تبقى الثقة المتبادلة بين الكويتيين وبين قيادتهم الحكيمة وبين مجتمعهم أحد أهم ثوابتهم الوطنية. فبالنسبة للمواطن الكويتي الحق, ورغم التطورات المعاصرة ورغم تعدد الآراء ووجهات النظر إلا اننا لا نزال نتمتع في الكويت بروح الأسرة الوطنية المتوحدة.
إضافة إلى ذلك, استعمالنا ولهذا اليوم لمصطلح “أهل الكويت” دليل آخر على تلاحمنا وتعاضدنا فيما بيننا. فحسنا الوطني هو بشكل أو بآخر حس أسري. فنحن قوم يرحم كبيرنا صغيرنا, ويحترم صغيرنا كبيرنا, نتآلف فيما بيننا ونتوحد نفسياً عندما يتعلق الأمر بوطننا وبمصالحه وبمصيرنا الوطني المشترك.
أهل الكويت رحماء فيما بينهم, أشداء على أعدائهم, لا تفرقهم الآراء ولا المصالح الشخصية الضيقة, بل أصبح حسن الظن سمه أخلاقية ثابتة في الذهنية الكويتية. فعفويتنا فيما بيننا, وطيبة قلوبنا تجاه أهلنا وأحبتنا من المواطنين الآخرين يصعب استبدالها أو إضعافها.
بل وأفتخر شخصياً أنني عضو في هذه الأسرة الكويتية المتوحدة. وسأستمر أحسن الظن في أبناء وبنات وطني لأنني أؤمن أنه واجب وطني ومسؤولية أخلاقية وتاريخية أتحملها شخصياً كفرد حر ومستقل يسعى بكل ما يستطيع من قوة الى ممارسة مواطنة كويتية حقة يستحقها وطن لم يبخل علي بشيء. اللهم احفظ وطننا الكويت وأهله, وانشر المحبة والتعاضد وحسن الظن في ربوعه الطاهرة. آمين يا رب العالمين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق