وزير الأشغال العامة د.فاضل صفر ظل وزيرا مميزا خلال الفترة الماضية، بل يكاد يكون الوحيد من بين الوزراء الذي عمل بصمت لا يخل بأدائه لمسؤولياته، وهدوء لا يؤثر فيه «تمرد» بعض مقاولي المشاريع في الوزارات التي تولى مسؤولياتها، فكانت الحكمة هي السائدة، حتى وإن أساء أولئك إليه، نتيجة فقدانهم مناقصة هنا وأخرى هناك.
وكلاء الشركات الدولية ومقاولو المشاريع الكبار لم يعودوا كما كانوا بسطاء يتنافسون في ما بينهم على مشاريع تطرحها الوزارات، بل أصبحت العملية معقدة أكبر بكثير مما مضى، وخصوصا مع ارتفاع حجم الاعتمادات المالية المخصصة للمشاريع التنموية.. وحتى طريقة التنافس اختلفت هي الأخرى، وأصبحت خليطا من تسريب الإشاعات والوثائق وتوزيع المغانم.
تلك الأجواء بحاجة إلى من يتعاطى معها بصبر وجلد وحكمة، لتحقيق المعادلة الصعبة، المتمثلة في الحفاظ على المال العام من جهة، وعدم مصادرة حق الشركات الدولية ووكلائها والمقاولين الكبار في التنافس وفق شروط موضوعية تحافظ على حقوق الطرفين، وهو ربما أمر افتقدناه خلال السنوات الماضية.
إعلان الوزير د.صفر عن توجه لإقرار 58 عقدا لتنفيذ عدد من المشاريع مقسمة على جزءين، أحدهما خلال الشهرين المقبلين، والآخر خلال الأشهر الأولى من السنة المقبلة خطوة نحن في أمس الحاجة لها، لأنه يمكن من خلالها تحريك السوق، وخصوصا مع بقاء الحكومة الطرف الوحيد القائم على مشاريع التنموية بشكل مباشر، فهناك الكثير من محال التجزئة يملكها مواطنون من الطبقة الوسطى بانتظارها.
يفترض ألا يتوقف الأمر على القطاعات التي يتحمل الوزير د.صفر مسؤوليتها السياسية، بل يجب أن ينسحب الأمر على بقية القطاعات، وخصوصا تلك التي تملك مشاريع تنموية ضخمة، فلا بد في هذه المرحلة الحصول على كشف حساب من بقية الوزراء، وخصوصا وزيري النفط والكهرباء ماذا فعلا بمشاريع ضخمة لديهما، كمشروعي المصفاة الرابعة ومحطة الكهرباء، باعتبارهما مشروعين من مشاريع التنمية؟
نريد أن نعرف ماذا جرى حول مشروع المنطقة الجمركية الضخم، المقرر إقامته على المنطقة الحدودية بين الكويت والعراق، وأيضا ما التطورات على مشروع تحويل جزيرة فيلكا إلى منطقة سياحية وتجارية، وما مصير المدينة الإعلامية والطبية والجامعية، ولماذا لا يعاد النظر في قوانين الـ «بي أو تي» تجاه توفير المرونة اللازمة لها، ليستفيد رأس المال، وليستفيد المواطن، وخصوصا أفراد الطبقة الوسطى؟
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق