الحديث عن مشاريع المشاركة بين القطاع الخاص والعام أو ما يعرف بمشاريع البناء والتشغيل والتحويل (B.O.T) والقانون رقم 7 لسنة 2008 المنظم لمثل هذا النوع من المشاريع أصبح مثل ( البطيخة ) لا نشاهدها إلا في مواسم معينة لتختفي وتعود مرة أخرى. قطار مشاريع المشاركة توقف منذ يناير 2006 بعد أن تم تكليف ديوان المحاسبة لبحث التعاقدات التي سبق أن أبرمتها الجهات الحكومية وفقا لهذا النظام والتحقق من مدى الالتزام بشروط الترسية والتعاقد، ومنذ ذلك الحين لم تر الدولة أي مشروع جديد يذكر.
وعلى الرغم من ذلك، قام المجلس بسن قانون 2008/7 وتلى ذلك إنشاء الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات ومن ثم قام الجهاز بإصدار الدليل الإرشادي لمشروعات الشراكة بين القطاع الخاص والعام بالتنسيق مع البنك الدولي والذي تضمن كافة شروط وآليات الطرح والترسية والتعاقد المتعلقة بمثل هذا النوع من المشاريع. العديد يعتقد أن سبب تعطل هذه المشاريع هو القانون وحده ولكنني أعتقد غير ذلك على الرغم من أن القانون احتوى على عدد من الشوائب التي تحتاج للتعديل.
فالمشكلة تكمن في عدم وجود القاعدة الأساسية والأرضية الصلبة التي يمكن أن تساعد هذه المشاريع من تحقيق أهدافها، فالروتين والبيروقراطية والتعقيد الإداري وصعوبة التعامل مع بعض أجهزة الدولة ما زال مستمرا وإذا ما أرادت الدولة أن تحقق أهدافها المنشودة من التنمية، فعليها أن تعيد النظر في أداء أجهزتها الحكومية أولا.
والمشكلة تكمن في أن فكرة هذا النوع من المشاريع وآلية تطبيقها قامت في دول العالم المختلفة على أساس عجز تلك الدول ماليا في تنفيذ هذه المشاريع أو تحديث القائم منها، أو بسبب خبرة القطاع الخاص وقدراته الفنية في تنفيذ هذه المشاريع بالجودة والدقة المطلوبة ووفقا للفترة الزمنية المحددة، وفي الكويت لا هذا ولا ذاك ينطبق. فالحكومة تتمتع بفوائض مالية ضخمة تمكنها من تنفيذ أي مشروع متى ما توفرت الإرادة والرغبة بذلك كما أن التجارب السابقة لمشاركة القطاع الخاص في مشاريع البناء والتشغيل والتحويل لم تحقق الاستفادة المرجوة من خبرات وإمكانيات القطاع الخاص.
والمشكلة تكمن في عدم الفهم الحقيقي لمعنى مشاريع المشاركة بين القطاع الخاص والعام حيث ان تبني هذا المفهوم قام على أساس إيجاد وسائل بديلة لتطوير مشاريع البنى التحتية والخدمات الأساسية وليس كما هو واقع حال مشاريعنا السابقة التي يمكن تصنيفها على أنها مشاريع تجارية بحتة استنفع من خلالها المستثمر دون أي مراعاة لتطبيق المفهوم الأساسي لمشاريع المشاركة.
والمشكلة تكمن في أنه وعلى الرغم من وجود القوانين واللوائح المنظمة والتي تعد الأساس في تطوير التجربة، إلا أن تلافي إشكالياتها السابقة والتي تمثلت بتعدد التعامل مع الجهات الحكومية المسؤولة عن المشاريع وغياب التنسيق بينها، وضعف وعدم جدية الدراسات المعدة للعديد من المشاريع، وقيام المجلس البلدي باتخاذ قرارات عشوائية دون أسس واضحة في عدد من مشاريع المشاركة، وعدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الفاعلة في إلزام المستثمرين لتنفيذ التزاماتهم التعاقدية هي القضايا التي يجب إعادة النظر بها قبل التفكير في تعديل قانون 7 لسنة 2008.
وقبل أن نتحدث عن تعديل القانون الحالي، يجب أن نعرف لماذا لم تتخذ الجهات الحكومية الإجراءات اللازمة لوقف حالات التعدي على أملاك الدولة وسمحت للقطاع الخاص بالاستيلاء عليها دون وجه حق؟ وكيف تمكنت بعض الشركات من إصدار التراخيص اللازمة وبدأت أعمال التنفيذ حتى قبل التوقيع مع الجهات الحكومية؟ ولماذا لم تلتزم الجهات الحكومية بشروط الترسية والطرح الأمر الذي أخل بمبدأ العدالة والمساواة وعزز شبهة التنفيع؟
إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق