صلاح الهاشم: وزيرة ترأس وزيرين

سألت نفسي هذا السؤال وأنا أتابع ما يحدث أمامي، فحين قررت الحكومة أن تعطي الأموال وتهب العطايا للشعب فعلت ذلك دون استئذان أو سؤال، وحين أرادت حل أو حلحلة المشكلة الإسكانية سمحت بتحرير الأراضي ورصد الأموال وتشكيل اللجان لتوفير السكن، وحين قررت إعادة الانضباط المروري والأمني إلى الشارع سيّرت الحملات، وتم تفعيل أداة الإبعاد الإداري، وارتفع رصيد المخالفات المحصلة، وحين أرادت حجب الاستجواب عن وزرائها أعطيت ذلك، وأخذت تصرف من أموالنا ذات اليمين وذات الشمال لدول لا نعرفها ولا نعلم عنها شيئا، والحجة دوما مصلحة الكويت.
– ليس هذا فحسب، فالحكومة أو «حكومة الحكومة» لها مقياس غريب للتعامل والتصرف في مقدرات ومستقبل شعب، والتلاعب في عواطفه ومشاعره، وإلا فمن يفهمني كيف استطاعت الحكومة فعل كل ما سبق خلال فترة أربعة شهور ماضية، وعجزت عن فعل ذات الشيء أو جزء منه طيلة الأربعين سنة الماضية؟
– لماذا تحاول «حكومة الحكومة» ترقيع بعض أخطائها أو خطاياها بالقيام بعمل أو أعمال هي من صميم واجباتها؟ تخيلوا لو آمنت الحكومة قبلا وفعلا بقدراتها وطموحات شعبها قبل أربعين عاما، ألم يكن لدينا الآن مترو وقطار وبنية تحتية ومدن إسكانية جديدة وجامعات؟
– لماذا تنتظر الحكومة أو «حكومة الحكومة» أن تكون خدمتها للوطن، وهو واجبها، مجرد تفضل منها عليه؟ هل هذه هي الإدارة الحكيمة أو حتى الممارسة الصحيحة للسلطة؟ أم أنها وسيلة لإرضاء شارع سياسي غضب من ممارسات سياسية خاطئة؟
– أسئلة عديدة لا يضاهيها ولا يفوقها غرابة سوى حدث غريب نشرته الصحف قبل أيام وهو خبر تعيين ثلاثة أفراد من الأسرة الحاكمة في مجلس التخطيط، وهو تداخل في توزيع المسؤوليات، فمن يخطط لا يفترض به التنفيذ، بل الإشراف، فكيف نوكل التخطيط لمن يملك هو -وحده- حق التنفيذ من خلاله أو بواسطته أو برضائه؟ فتعيين ناصر صباح الأحمد والدكتور محمد الصباح وسالم عبدالعزيز الصباح في هذا المجلس، هل نعتبره مكافأة للأول لأنه عارض بعض تصرفات الحكومة في وقت ما وزمن ما؟ وهو لايزال وزيرا للديوان الأميري؟ أم إنه عقاب معنوي ووضعه في منصب يستلزم منه البقاء في الكويت وهو الذي يقطع فيافي العالم من منغوليا شرقا وحتى بودرن الساحرة في تركيا شمالا، مرورا بالمغرب في أقصاه احتجاجا على موقف أو عتبا على عدم أخذ رأيه، وهو الذي أخبرني شخصيا أنه قدم استقالته منذ ثلاث سنوات ولم تقبل حتى الآن! وهل هو إلزامه بسداد فاتورة موقف مستنير له حين رفض بعض الممارسات الحالية؟ أو حين قام وأقرانه بتوقيع العريضة الشهيرة بعد التحرير؟ أو بعض آرائه بشأن احترام القانون وضرورة تطبيق نصوصه على الكبار أولا؟
– وهل تعيين محمد الصباح الذي استقال من منصبه كوزير للخارجية لرفضه «غض النظر» عن ممارسات تمت في وزارته دون علمه، وإصراره على تطبيق قانون ولوائح وأنظمة لم يستطع عملها وهو وزير، فكيف يملك أن يعطي رأيه في التخطيط وهو مجرد عضو في مجلسه؟ هذا التعيين في مجلس يخطط للبلد، يأخذ رأي الوزير في التخطيط ويرفضه حين يحاول تطبيقه في وزارته؟ «هاي شلون ترّهم»؟!
– أما الثالث فإن استقالته من منصبه كمحافظ للبنك المركزي كان سببها الرفض للخضوع للمساءلة البرلمانية، والتحقيق معه في شأن التحويلات والإيداعات، وهو أمر يوضح شخصية رئيس أكبر جهاز مالي في الكويت، عجز عن مواجهة استجواب أو تحقيق، فمثله لا يقبل أن يستجوبه أعضاء ممثلون للأمة، فهو فوق الأمة وحسابه ليس منهم أو هكذا يعتقد! فكيف نسلم إليه قياد التخطيط ومسؤولياته ومهامه؟ وهو العاجز حين ترأس البنك المركزي عن ممارساتها!
– وإذا كان هؤلاء الثلاثة يحملون فكرا يختلف مع بعضهم البعض، مع كل الاحترام لشخوصهم، فكيف يمكن لهم الاتفاق حول تخطيط مستقبل الكويت في مجلس للتخطيط؟ ليس هذا فحسب، فإذا كانت «حكومة الحكومة» قد قبلت باستبعاد هؤلاء الثلاثة حين قبلت استقالتهم أو ابتعادهم، لتريح بالها أو تأمن من شرهم، أو ترغمهم على السكوت، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة، فكيف تقبل ذات «حكومة الحكومة» بآرائهم وأفكارهم لتخطيط مستقبل البلاد والعباد؟ هل هو إرضاء سياسي؟ هل هو ترتيب لبيت الأسرة الداخلي؟ هل هو تقاسم للسلطة على حساب شعب ينتظر، وبلد يحتضر، ومطالب للشعب والبلاد والعباد وجب أوان استحقاقها؟
– هل ناصر صباح الأحمد يحتاج إلى هذا المنصب وهو الذي يحمل رؤية تتجاوز مجلس التخطيط، ويتولى منصبا يجعله ينفذ كل ما يراه؟ وهل أصبح د.محمد الصباح وهو في مجلس حكماء العالم في الأمم المتحدة يقبل أن يوضع في مجلس ليحصل على امتيازات صورية ليس بحاجة لها؟ وهل فكرّ محمد الصباح في مؤيديه حين استقال من الخارجية ماذا سيقولون عنه الآن بعد أن أصبح تابعا لوزيرة.. التخطيط؟ وهل أصبحت رولا دشتي وزيرة التخطيط من القوة وتلبية الأوامر لكي تترأس مجلسا فيه وزيران هما مشروع حكم؟ وكيف ستتم إدارة اجتماعات هذا المجلس حين تترأسه رولا دشتي ويكون هذان الوزيران حاضرين يستمعان لتوجيهات الوزيرة وأوامرها؟ أتمنى أن أشاهد هذا الاجتماع أو صورته على الأقل؟
– ومع ذلك تلك كلها أسئلة لا أعرف لها إجابة، ولكنني من المؤمنين دوما بأن أصعب الأسئلة تكون إجابتها فيها.. دوما! وللإجابة قصة.. وللقصة دوما قصة أخرى!

للرقيب كلمة:
سؤال إلى وزير الخارجية الكويتي: «ماذا أنت فاعل الآن مع السفير الإيراني بعد حكم محكمة التمييز بشأن خلية التجسس الإيرانية؟ وذات السؤال إلى مجلس.. بوصوت؟!».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.