لا أظن أن من له صلة مباشرة بالأوضاع السياسية في الكويت، سواء كان في السلطة أو خارجها، قد تمكن من أن يعيش حياة طبيعية خلال السنوات الأربع الماضية. فالتوتر كان سيد الموقف دائما، وحالة الاستعداد والترقب لحدث ما قادم تسيطر علينا، والمناقشات السياسية تسربت إلى اللقاءات الأسرية، والاختلاف في الرأي السياسي أدى إلى خصومات اجتماعية. وبالنسبة لي شخصيا، فإنني منذ خروجي من السجن آخر مرة في نهاية شهر يناير 2011 لم أتمكن من السفر سوى مرة واحدة لمدة عشرة أيام.
وفي الفترة الأخيرة، وبحكم عملي كمحامٍ، ازداد حجم الضغط والتوتر بسبب كثرة قضايا الملاحقات السياسية والتقارب الزمني بين جلساتها، بالإضافة إلى التوتر الخاص في لحظات انتظار صدور الأحكام في تلك القضايا. إن معدل التوتر مرتفع جدا في المجتمع، كما أظن، وحالتي ليست حالة فردية!
ومع ذلك، وعلى الرغم من انسداد آفاق العمل السياسي على جميع المستويات، وعجز السلطة والمعارضة أيضا في تحقيق «اختراقات» تحسم الصراع السياسي لصالح أحدهما، فإن المريح في الأمر هو أن المشروع السياسي الحالي للسلطة، وإن كان يتمتع بعمق تاريخي من حيث كونه «أمنية قديمة»، إلا أنه لا يحظى بأي فرصة للاستمرارية حتى لو تحقق بعض النجاح الآني للمشروع. بمعنى أن المشروع المعادي للحكم الدستوري الديمقراطي يرتبط بالماضي أكثر من ارتباطه بالمستقبل، ولست أرى أي تجذر لهذا المشروع في أعماق وجدان المجتمع الكويتي رغم الانقسام الشديد، ومازال المشروع طافيا على السطح، فهو مشروع لا ينتمي إلى بيئة المجتمع الكويتي، ولن تنبت له جذور جديدة تغذيه وتوفر له الاستمرارية حتى لو كانت المعارضة في أضعف حالاتها.
إن الوقت بحد ذاته كفيل بإسقاط المشروع المعادي للحكم الدستوري الديمقراطي، لكن هذا لا يعني أن نسترخي ونعتمد على عامل الوقت فقط رغم حاجتنا الملحة، كمجتمع، للهدوء والاسترخاء.
على أي حال، هناك من يرى أن السوء لم يبلغ مداه الأقصى بعد، والله المستعان.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق