مريم الجمعة: سوق المناخ “بيض الخعنفق وفرخ الخعنفق”

ما بين نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات، شهد سوق المناخ الكويتي، الذي اتخذ اسمه من نوخ النوق (أي جثوها أرضاًعلى الركب)، محملة بالبضائع القادمة من نجد، الاحساء، الشام، والعراق، عمليات مضاربة على شركات غير مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، تلك المضاربات لاقت رواجاً كبيراً، لما حققته من أرباح خيالية، لم يندفع اليها الكويتيون دون غيرهم، اذ كان لأثرياء العرب دور أشار له تاريخها، الذي لايزال هناك من يذكره من الكتّاب العرب.
الشرق الأوسط اوردت مقالاً، استذكر فيه الكاتب اللبناني سمير عطاالله، زيارة رجل الأعمال الثري عدنان خاشقجي، للسوق التي لم تكن سوى مبنى، الأمر الذي زاد جنون المضاربين، لمجرّد ظنهم بأن خاشقجي يعرف ثروات مخبوءة لم يعرفوا بها، حيث تصاعدت الأسعار الوهمية آنذاك، وبات المضاربون يتحدثون وقتها عن الملايين، الى ان صاروا بدون مقدمات، يتحدثون عن الديون، التي لم يقتصر ضررها على اخفاق المضاربين، مِن مَنْ خسروا أموالهم وضاعفوا ديونهم، في اشارة له لفقاعة بدت يومذاك، لتتلاشى، كما تتلاشى كل فقاعة لا تزال تبدو كل فترة ما، في سوق ما، اذ بدأ ركود الاقتصاد في البلد اثر أزمة المناخ.
أزمة سوق المناخ شهدت حكايا وخبايا، وحكاية خاشقجي واحدة من بعض تلك الحكايا والخبايا التي ابدعت كوميديا الثمانينات في محاكاتها، في اطار سيناريو مسرحية فرسان المناخ، التي جسّد فيها الفنان عبد الحسين عبد الرضا دور منصور بوحظين وبو راشد البحريني، بينما جسّد فيها الفنان غانم الصالح دور علي بوتيلة، تلك الشخصيات التي أثارت جدلاً كبيراً، في المجتمع الكويتي خصوصاً والمجتمع الخليجي عموماً.
مضت سنوات على أحداث أزمة سوق المناخ، بحكاياها وخبايها، التي ناخ على اثرها من ناخ من الفرسان، الا أنها تبقى الأزمة الاقتصادية الأكبر في صداها على مستوى الكويت والخليج، اذ لايزال لها من الأثر، ما يشار اليه حتى يومنا هذا. أمّا ما بين «بيض الخعفق وفرخ الخعنفق»، فيبقى أحلى ما حاكى تلك الأزمة، وأحلى ما يُحكى فيها.

مريم حسين مكي الجمعة
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.