كما توقعنا فقد انتصر الدكتور عبيد الوسمي في فرض نفسه على اجندة تكتل مسلم البراك، فتنازل الاخير مرغما عن موقعه حتى يتم دمج الاستجوابين، لان فصل الاستجوابين زمنياً كان يشكل خطرا يتمثل في احتمال نجاح الوسمي بطرح الثقة بالوزير الشمالي مما يخنق الاستجواب الثاني في حناجر اصحابه.
انتصر عبيد الوسمي ولكنه ربما انقذ البراك من مسؤولية الحديث عن المؤسسة العامة للتأمينات التي يتهمها العديد من النواب بتهم مرسلة ظلت تحوم فوق رأس البراك على مدى سنوات وتؤرق مصداقيته بسبب القرب العائلي مع السيد فهد الرجعان.
نقول هذا ونحن لا نجد ما يدين السيد فهد الرجعان سوى المرسل من تهم لا دليل عليها.
ولكن العبرة في ان مسلم البراك سوف يعفى من الحديث عن التأمينات والخوض مع الخائضين في هذا المحور من الاستجواب.
انتصر عبيد الوسمي، ولكن مسلم لا يقبل الهزيمة، خاصة من عبيد الوسمي، وسيحاول ان يحيل هزيمته النكراء الى انتصار ساحق.
وهكذا تم اتفاق البراك مع المستجوبين على ان يتحدث المستجوبون الثلاثة فيما يريدون، ولكنهم سيتركون محور الهيئة العامة للاستثمار لمسلم البراك يتحدث عنه كمؤيد للاستجواب!.
فالهيئة العامة للاستثمار ظلت هدفا لمسلم البراك على مدى سنوات. بل هي الهدف الحقيقي لكل استجواب تقدم فيه مسلم لوزراء المالية السابقين!!.
فالهيئة العامة للاستثمار هي المصدر الثاني للدخل في الكويت ويجب تكتيفها بالادوات الرقابية والتهم والشكوك والمظنة حتى تتعثر وتتوقف عن ادائها المرجو.
مسلم البراك لن يكتفي بالاستئثار بمحور الهيئة العامة للاستثمار ولكنه سيطالب بالصعود على المنصة لاداء دوره الخطابي المؤثر، فحنجرة مسلم واتهاماته تحتاج منبرا ولا تقنع بالحديث من موقعه النيابي المعتاد.
وهذا الاتفاق قد تم مع العم بو عبدالعزيز لسوابق ماضية، ولكن الاتفاق سيشمل تفعيل مقولة السعدون المشبوهة بأن المجلس سيد قراراته!. ومن ثم سيتم التصويت على التمديد لمسلم البراك ليتحدث مؤيدا للاستجواب لمدة ساعة!!!
أي ان مسلم البراك سيكون المستجوب الرابع بما يخالف المادة 136 من اللائحة الداخلية.
ولكن العبقرية هي في استغلال الثغرة الموجودة في المادة 136 حيث تقول «.. ثم يتكلم الاعضاء المؤيدون للاستجواب والمعارضون له بالتناوب واحدا واحدا»!!
والمادة هنا لم تحدد المدة للمتكلم. وان استقر العرف النيابي على الا تزيد المدة عن ربع ساعة، لأن المادة ذاتها تقول «وللوزير ان يتحدث بعد انتهاء جميع المتكلمين بما لا يتجاوز ربع ساعة»! هكذا جرت العادة والعرف النيابي في جميع الاستجوابات السابقة.
ولكن هذا الاستجواب يوم غد سيكون مختلفا لأن فيه لعباً للكبار، صحيح انه اسلوب ملتو ومخالف للاعراف واللائحة الداخلية، ولكن من يقف في وجه رئيس مجلس الامة ووجه رئيس مجلس قيادة الاغلبية؟!!!
– فيصل المسلم يعتقد بأن الكويتيين أغبياء!!. فهو بكل صفاقة يقول انه يتحسر على الكويت كلما زار امارة دبي، ويعلق ان سبب تخلف الكويت هو الفردية بالقرار!!!
والسؤال هو هل نهضة دبي قائمة على قرار جمعي او ادارة شعبية بقيادة مجلس أمة اماراتي او خاص بدبي؟!
ام أن نهضة دبي قد بناها قرار فرد واحد وهو راشد بن مكتوم رحمه الله، ثم تولاها من بعده ابنه مكتوم رحمه الله، ثم طورها ابنه محمد بن راشد اطال الله في عمره؟!!
وكيف يتحسر على الكويت من هو جزء من ويلاتها وفاصل من اللعنة التي اصابتها؟!!!
ام اننا حقاً أغبياء؟!
– النائب رياض العدساني مع الأغلبية لم يكن يسبح في بيئته، وهو افضل حالا بالاستقلالية التي لم يدع غيرها يوماً.
– خلال الانتخابات كان هناك ميثاق لتجمع «نهج» تم اعلانه ونشره، تعهد فيه المرشحون باسمائهم وصورهم بالعمل والسعي على اقرار ستة قوانين بمجرد وصولهم الى مجلس الأمة.
وكان أول تلك القوانين الستة هو قانون كشف الذمة المالية!! ولقد نجح 19 نائباً من اصل 31 مرشحاً كانت اسماؤهم وصورهم على ذلك الاعلان.
«نهج» ماتت لانها حركة مؤقتة لتحقيق غرض محدد زالت بزواله. ولكن النواب المتعهدون بالسعي والعمل على ارساء تلك القوانين موجودون احياء يرزقون.
فلماذا نسمع عن نائب ليس من «نهج» ولم يعلن ما اعلنوه يقوم بتقديم كشف بذمته المالية، ويصمت نواب الوعد والعهد عن تقديم كشف بذمتهم المالية؟! بل ويتقاعسون حتى عن اقرار تشريع بالكشف عن الذمة المالية… اول وعودهم الانتخابية؟!!
أم انهم يعتمدون على النسيان، لان النسيان رحمة.
– المادة 173 من الدستور تقول «يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح ويبين صلاحياتها، والاجراءات التي تتبعها.
ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح.
وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن».
والمذكرة التفسيرية في شرحها للمادة 173 من الدستور تقول «آثر الدستور ان يعهد بمراقبة دستورية القوانين واللوائح الى محكمة خاصة يراعى في تشكيلها واجراءاتها طبيعة هذه المهمة الكبيرة، بدلاً من ان يترك ذلك لاجتهاد كل محكمة على حدة، مما قد تتعارض معه الآراء في تفسير النصوص الدستورية او يعرض القوانين واللوائح للشجب دون دراسة لمختلف وجهات النظر والاعتبارات. فوفقاً لهذه المادة يترك للقانون الخاص بتلك المحكمة الدستورية مجال اشراك مجلس الامة بل والحكومة في تشكيلها الى جانب رجال القضاء العالي في الدولة، وهم الاصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين، وفي مقدمتها الدستور، قانون القوانين»!.
أعزاءنا
في نص المادة 173 من الدستور وتفسيرها في المذكرة التفسيرية التي لا تقل أهمية ومكانة عن الدستور، نجد الجواب الشافي لعبثية البعض الذي يريد ان يسحب تفسير النصوص الدستورية من اختصاصات المحكمة الدستورية.
لأنه اعتداء على الدستور قبل ان يكون اعتداء على المحكمة الدستورية.
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق