أعلنت شركة “داو كيميكال” استلامها لمبلغ التعويض الكويتي بالكامل، وهو ما حكمت به هيئة التحكيم والبالغ 2.194 مليار دولار أميركي استغلته في تسديد ديونها ووزعت البقية على المستثمرين مع تكرمها بالتنازل عن الفوائد التي تقدر بحوالي 300 مليون دولار “جزاهم الله كل خير”.
على قرار الناقلات والاستثمارات مضى عقد الداو كيمكال الورقي في حال سبيله حاملاً ومثقلاً بكل أنواع الشبهات في وضع دراماتيكي، فما كان يفصل بين توقيع العقد وإلغائه والشرط الجزائي سوى أيام، وهنا مربط الفرس وبيت القصيد.
في قراءة سريعة للمحور الأول من الاستجواب المقدم لوزير النفط الكفيل بالكشف عن الكثير من الملابسات التي صاحبت العقد من الناحية الفنية والقانونية، والكلفة المالية حسب معطيات ذلك الوقت، مع وجود الشرط الجزائي محل الريبة والشك نلاحظ أن من صاغ مادة الاستجواب سدّ كل الثغرات المتعلقة بالعقد المشؤوم لتضمنه أبجديات المساءلة السياسية، واضعاً الحكومة والنواب أمام مسؤولياتهم السياسية، كما أنه عرف كيف يفتح الباب على من، ومتى، وماذا، ولماذا، بطريقة ذكية من شأنها فك طلاسم العقد وإسقاط القناع عن تلك الوجوه القبيحة.
السؤال الذي ننتظر إجابته يتعلق بأسماء الأشخاص وصفاتهم الوظيفية، ومن له الصلاحيات باعتماد العقد من الناحية القانونية والمالية والفنية، حيث سنتعرف على كل الشبكة وأبطال الشراكة وليس طرف الخيط.
يحكى أن هناك غرفاً مغلقة ومراكز قوى تدير القطاع النفطي دفعت بالقبول بملف الشراكة والشرط الجزائي منذ بدايته؛ مع علمها بكم التجاوزات الإجرائية التي صاحبت العقد وظروف الكساد الاقتصادي العالمي.
هناك أمران مثيران للجدل: الأول له علاقة بالتوقيت، حيث الاستعجال كان سيد الموقف، فكما فهمنا أن هناك بضعة أيام قبل إبرام العقد لو استغلت لكانت كفيلة بتجنيب دولة الكويت تلك الخسائر إلا أن فريق التوقيع نجح في تمريره، والثاني مرتبط بتخفيض قيمة العقد وبأرقام مليارية، وكأن الشركة عرفت مسبقاً بإلغاء العقد وأنها ستحصل على مبلغ التعويض.
وهنا ألا يحق لنا التساؤل: أنحن أمام عصابة أرادت وعرفت من اللحظة الأولى أن هذه الشراكة ما هي إلا عقد تعويض؟
رفع الستار عن فضيحة داوغيت لن يتحقق باستقالة الوزير المختص، لكن بتحديد كل من ساهم بطريق متعمد عن طريق إخفاء أو تزويد مجلس الوزراء بمعلومات مغلوطة تخص تلك القضية، ومن ثم تحويله إلى القضاء ليواجه مصيره.
نعم خسرت الكويت هذا المبلغ الكبير مقابل عمل ورقي فقط، وهو بمنزلة فضيحة مالية من العيار الثقيل، لكن ماذا لو عرف أن هذا الشرط الجزائي أمر دبر بفعل فاعل قبض المعلوم؟ وماذا لو تمكنت الحكومة من تتبع خط سير العمولات؟ هنا فقط سنعرف أن هناك دولة قانون تحاسب الكل وعلى الكل احترامها… هنا فقط!!!
قد أكون مخطئاً في تحليلي، لكن المبلغ “يعور” والمتسبب حر طليق، فهل يجرؤ أحد على محاسبة المتسببين؟ أم سنكتفي بقول حسبي الله ونعم الوكيل!!!
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق