المتربصون بالرئيسين علي الراشد وسمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك كثيرون، فلكل منهما خصوم بعدد أسنان المشط، بل بعدد شعر رأسه، ولكن ما يجمع خصومهما هو استهداف الاثنين فالإضرار بالاول لا ينتج اثرا إلا بضربه في الثاني والعكس صحيح وخصومهما نوعان: نوع ظاهر ونوع خفي، وأخطرهما الخفي الذي يرتدي ثوب الصديق الناصح، ففي موقع الرئاسة والقرار يتكاثر الاصدقاء من هذا النوع والتاريخ مليء بذكر أخبارهم ومؤامراتهم ونصائحهم التي هدمت عروشا وأنهت دولا، وساذج من لا يعرف ان السياسة هي كيف تتعامل مع الذئاب والسفلة لأن الاخيار ليسوا بحاجة لمن يسوسهم، فهم بطبيعتهم عادلون قاسطون يعرفون واجباتهم وحقوقهم، واضحون من دون غموض، يدركون ان من السياسة ترك السياسة، وأنا هنا لست في مقام الواعظ، لكن في مقام النذير الذي يدرك ان علاقة الرئيسين هي علاقة شعب بقيادته لا علاقة شخصين ببعضهما بعضا تعارفا في الطائرة وتفرقا في المطار. ولأنني ادرك تماما ان الراشد والمبارك من اكثر الرجال صدقا وإخلاصا وان نقاط الانسجام بينهما اكثر من نقاط الاختلاف، بل لا يوجد في الواقع ما يستحق ان يختلفا عليه، فكيف وهما اللذان اقسما على نذر نفسيهما لخدمة الكويت وشعبها؟! فما دون ذلك اذن لا يستحق ان يكون محلا لخلاف فهما ليسا ممن يتأثرون بمانشيت جريدة أو كتابة تغريدة ولا احد منهما تكدر خاطره نميمة عابرة، فالمعارك الجانبية لا تعيق مسيرة كتائب الرئيسين والتفاصيل الصغيرة لا تشغل بال العظماء ولا تكدر مزاج الرؤساء، فتاريخ علي الراشد يشهد له بنقاء سريرته ووضوح رؤيته وثبات مواقفة التي تجلت بدفاعه عن النظام ودولة القانون ويشاركه في ذلك سمو الشيخ جابر المبارك الاطول تاريخا والأكثر تجربة، فهو الذي قاد تحركا من أبناء الاسرة للمطالبة بعودة مجلس الامة حين تم تعطيله في الوقت الذي لم يكن احد يجرؤ على ذلك، ولهما الكثير من المواقف التي لا تسعفني المساحة لحصرها في هذا المقال، والعلاقة التي تجمع علي الراشد بسمو الشيخ جابر المبارك علاقة وثيقة منيعة عصية على الحاقدين وأرباب السوابق وأصحاب العقول المستأجرة فالخلاف بينهما أمنية يحلم بها كل واهم اما الاختلاف في وجهات النظر فهو امر لابد ان يحدث بين شركاء العمل وهو غير الخلاف الذي يمكن ان يحدث لأسباب ليست لها علاقة بالعمل ويكون غالبا بسبب اصحاب الآراء الفاسدة والمنظرين الذين على شاكلة «بهلول البلوطي ورفاقه» الذين يؤولون الاحداث على غير مقاصدها، فالاختلاف عارض صحي منشؤه تعدد القضايا وتعدد الحلول، وهي على كل حال ليست قضايا شخصية انما قضايا عامة ليس الرئيسان طرفا فيها بشكل شخصي انما يتصدان لها بحكم صفتهما المهنية.
ولعل المعوقات التي تواجه الرئيس علي الراشد اكبر من تلك التي تواجه سمو الرئيس جابر المبارك، فالراشد يرأس مجلسا عدد أعضائه 50 نائبا لا رابط بينهم بينما سمو الشيخ جابر المبارك يرأس مجلسا عدد أعضائه 14 وزيرا يأتمرون بأمره بينما النواب لا سلطان لرئيس المجلس عليهم دستوريا الا بالمودة والحب وبمهارته في الاقناع، فمهمة الراشد شاقة، ومضنية فهو أمام مسؤوليات يحكمها الدستور واللائحة الداخلية للمجلس فمطلوب منه ادارة الجلسة باقتدار وحياد فهو في القاعة رئيس للنواب والوزراء بحكم عضويتهم بالمجلس وعليه كذلك ان يضبط تصرفات النواب خارج المجلس بما يحقق التعاون المنشود، وربما تصريح من نائب خارج القاعة قد يحدث أزمة، والكل يعلم ان النواب لكل منهم قناعة أو جماعة يتلقى منهم التوجيه والإرشاد وكل مغامرة غير مدروسة تعرقل مهمة الرئيس وتثقل كاهله بمضاعفة الجهد لتقريب وجهات النظر بين النواب انفسهم او بينهم و بين أعضاء الحكومة.
على كل حال يهون كل ذلك من اجل الانجاز، ولن يكون هناك انجاز الا بالتوافق والانسجام بين الرئيسين وحتى يصلا الى تلك العلاقة المثالية لا بد من اغلاق الثقوب التي يتسلل منها الوشاة وردم الانفاق التي اعتاد المتربصون استخدامها لزرع الالغام في محيط الرئيسين
.info@redlinekw.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق