صالح الغنام: “عفية”!


كم كان موفقا قول النائب الفاضل علي الراشد: “إن تمسك الحكومة باللائحة والدستور, واتخاذها موقفا متشددا بالانسحاب من الجلسة, أعاد الروح لأهل الكويت”. وقد صدق الراشد ورب الكعبة, فمبلغ همنا وقمة سخطنا على الحكومة كانا بسبب رضوخها لكتلة الأغلبية النيابية, في الحق وبالباطل, وانصياعها التام لأوامر الكتلة ونواهيها. ولكن بعد الموقف البطولي والشجاع الذي اتخذته الحكومة يوم أمس, أشهد إنها أعادت الروح إلينا, وبثت فينا التفاؤل, وأشاعت في وجداننا اليقين والثقة, بأن من هو بمثل مكانة ومقام سمو الشيخ جابر المبارك, لن يرضى لحكومته أن تكون “مطقاقة” و”ممشة زفر للي يسوى واللي ما يسوى” من نواب الأغلبية الجائرة.
كان لابد من وضع حد لاستبداد نواب الأكثرية, وكان لابد من قرص آذانهم وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي, كان لابد من هذا كله, لأن نواب الأغلبية لم “يحشموا” الشعب أولا, ولا أنفسهم ثانيا, ولم يستغلوا كثرتهم العددية لما فيه خير البلاد والعباد, ولم يستثمروها في الإصلاح ومكافحة الفساد, وإنما استسلموا للغرور الذي أعماهم, واستأنسوا لشعور النرجسية التي أخذت منهم كل مأخذ, فتفرغوا بس, للتنكيل في نواب الأقلية, ومحاصرة الوزراء, والزحف على صلاحيات واختصاصات السلطات الأخرى, بتحجيمها تارة, وتقليصها تارة أخرى. وأخيرا وليس آخرا, التهديد والتلويح بالخروج للشارع, رغم إنهم الأغلبية, ومقدرات المجلس ولجانه ملك أيديهم وطوع أمرهم!
بالله عليكم, أين الأولويات التي صدعوا رؤوسنا بها, أين قوانين مكافحة الفساد, وكشف الذمة المالية, وحماية المُبلغ, وتضارب المصالح, والمناقصات وتعيين القياديين وغيرها من القوانين الإصلاحية المهمة التي تحتاجها الدولة? أين كل هذا? عذرا لسذاجة هذا السؤال, فالأذكياء لا يوجهون مثل هذا السؤال, لأنهم يعلمون أن الأغلبية تبذل قصارى جهدها للمماطلة والتسويف واختلاق الأزمات لمنع المجلس من إنجاز هذه القوانين, لأن نوابها سيكونون أول ضحايا هذه القوانين متى أقرت… ختاما, على الحكومة أن تصمد على موقفها المشرف, وألا تهاب أو ترضخ للتهديدات, فبكل الأحوال, وقبل جلسة الاستجواب بأيام, لوح عضو “كتلة التأزيم” فيصل المسلم, من دون سبب وبلا مناسبة بالخروج للشارع, لذلك, على الحكومة أن تستعد وتتهيأ لكسر نعرة المؤزمين, فيكفي ثم يكفي ما قدمته من تنازلات في السابق.
***
ما دمت قد بدأت المقالة بطيب الصيت علي الراشد, فلا أحب علي من أن أختمها بخبر يخصه. فقد حكمت محكمة الاستئناف بسلامة الإجراءات التي قام بها الراشد بتعيين المحامين في الفتوى والتشريع إبان توليه وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء. وهذا الحكم المنصف, يشكل صفعة قوية على قفا وأصداغ كل من أساء للراشد وأخذ يلت ويعجن ويشكك في سلامة التعيينات… نزاهة الراشد مشهودة ومعروفة, وأكبر من أن يشكك فيها سقط القوم.

salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.