نبيل الفضل: ماذا حدث؟!


مسلم البراك وحوارييه يهددون باستجواب وزير المالية بشكل يومي بمناسبة وبدون مناسبة منذ بداية دور الانعقاد الاول لهذا المجلس!.
د.عبيد الوسمي يكتب استجوابه لوزير المالية بهدوء ودون ضجيج ويقدمه للامين العام في اليوم الذي اعلن فيه مسلم وحوارييه تقديم استجوابهم. ولكن الوسمي يسبقهم بنصف ساعة!!
وزير المالية مصطفى الشمالي يعلن عن استعداده وقدرته لمواجهة الاستجوابين، مع يقينه بأن أياً من الاستجوابين سيحصل على اغلبية نيابية لطرح الثقة به، لا عن قناعة ولكن عن انبطاحية وانصياع ودون مشقة تفكير ولا تأنيب ضمير.
في مرحلة لاحقة ينتبه مسلم وحوارييه الى اشكالية الاستجوابين!. فالوزير اذا ما تمكن من تخصيص اليوم الاول لاستجواب الوسمي صاحب الاولوية، ثم طالب بتأجيل الاستجواب الثاني، فان هناك خيارين فقط.
فالوسمي، الذي لن يتردد عن تقديم طلب طرح الثقة بوزير المالية بعد استجوابه، سيكون امامه اما ان توافق كتلة الاغلبية، التي لا تملك من أمرها شيئا في الحقيقة. وبذلك يحصل الوسمي على طرح الثقة ويسقط استجواب مسلم وحوارييه.
وهذه هزيمة لا يريدها مسلم خصوصا من غريمه وخصمه الوسمي، رغم تبادل المجاملات اليومية!.
من جانب آخر ان رفضت الاغلبية التوقيع على طرح الثقة بالوزير بعد استجواب الوسمي، فانها بذلك تمنح الثقة للوزير!. فاذا جاء استجواب مسلم وحوارييه بعد ايام وقدم مسلم طلب طرح الثقة، الذي سترغم الكتلة على التوقيع عليه، فان الكتلة سوف تتمزق بين القرارين وستنهار مصداقيتها وتنكشف سوأتها وتتضح حقيقة فكر القطيع الذي تأتمر به.
لذلك كان لابد من الغاء احد الاستجوابين او دمجهما. ولكن مسلم لديه اجندة لا يستطيع ان يلغيها ولابد له من استجواب وزير المالية ليقيد ويكتِّف ويعرقل الهيئة العامة للاستثمار لاسباب سبق ان شرحناها في مقالات سابقة. ومن ثم فلا يمكن له ان يلغي استجوابه، ولا يستطيع تأجيله لكي لا يظهر ضعيفاً أمام عبيد الوسمي. ود. عبيد لا يفكر للحظة واحدة بالغاء استجوابه، لأنه كان يجلس مستريحاً لأولويته في الاستجواب وللحرج الذي اوقع فيه مسلم وحوارييه.
ولكن المشكلة كانت مشكلة الأغلبية التي ستنفضح عدم حياديتها وعدم امتلاكها لامرها أو قرارها اذا ما تم الاستجوابان!.
وهكذا فقد اجتمع الجميع عند طاحوس وتناقشوا في الحل، ولم يكن أمامهم الا القبول بالتضحية بمسلم او احد حوارييه ليدخل مكانه عبيد الوسمي شامخاً بفرض ارادته على مسلم… والاغلبية معه!.
تطوع العنجري أولاً بالانسحاب ليدخل عبيد، الا ان السلطان رأى ان ذلك سيحيل الاستجواب الى مواجهة قبلية صرفة مع الوزير، وهو ما سيدفع السلطان للانسحاب من كتلة الاغلبية!.
فكان ان تطوع طاحوس للانسحاب، الا ان البعض رأى ان هذا سيجعل الاستجواب ذا نكهة قبلية لوجود اثنين من نفس القبيلة!!!
فلم يكن امام البراك سوى الانسحاب المشروط امام انتصار مخطط الوسمي عليه. فكان شرطه الا يناقش المستجوبون محور الهيئة العامة للاستثمار!. وان يترك له هذا المحور كي يخوض فيه خلال كلمته مؤيداً للاستجواب!. فوافقوا له على ذلك.
ولكنه فوق ذلك اشترط على السعدون ان يتحدث من على المنصة وان يمدد له السعدون من ربع ساعة حتى ساعة كاملة!. فخضع السعدون لشروط مسلم.
ويوم امس طالب مسلم بدمج الاستجوابين دون ابداء اسباب حقيقية. فاعترض وزير المالية واصر على مواجهة الاستجوابين منفردين.
وتحدث العديد من النواب ما بين مؤيد للدمج ومعارض له من باب ان الاصل هو عدم الدمج، وان الاستثناء له شروط غير متوفرة للدمج.
فقرر ولجأ الرئيس للتصويت – معروف النتيجة – بدلا من الاستئناس برأي الخبراء الدستوريين أو الاستماع لحجج الوزير المعني!.
لحظتها اعترض سمو الرئيس مستغربا غموض اسباب طلب الدمج ومحذراً – بكل شفافية – من انسحاب الحكومة اذا ما حاول المجلس لَيْ ذراعها.
هنا اتسعت احداق السعدون وضرب بمطرقته صارخاً ومصرا على التصويت!. فوقف سمو الرئيس وانسحب مع وزرائه من القاعة، فرفعت الجلسة وضاع يوم آخر من عمر المجلس.
– تصرف سمو الرئيس كان تصرف حكم حكيم وموقف رجل دولة اعاد ثقة الناس بالحكومة، ومسح كثيرا من الصورة الكئيبة التي رسمتها الاغلبية لانبطاح الحكومة واستسلامها لإرادة مجلس قيادة الاقلية.
برافو بو صباح.
– مسلم وبكل بجاحة طالب يوم امس برئيس وزراء شعبي!! ونحن نقول ان أتى ذلك اليوم الاغبر فإننا نرشح عبيد الوسمي لرئاسة الوزراء، لأنه اثبت انه الاذكى والادهى والاكثر صمودا وبأسا.
– الاصرار على «الدمج» حتى على حساب الاستجواب نفسه، والتضحية بالاستجوابين لفرض قرار الدمج يدل على حماقة سياسية عند الأغلبية، أو مآرب خفية يستحون من الإعلان عنها!.
أما الكشف عن مواقع الخلل وبؤر الفساد في وزارة المالية وهيئاتها كما يدعون، فلم يكن لها موقع من الحسبان عند المستجوبين.
– الوزير مصطفى الشمالي كان كامل الدسم والثقة بنفسه وادائه، رغم علمه التام بأن طلب طرح الثقة قد تم التوقيع عليه من قبل ثلاثين عضواً أغلبهم لا يملك من أمره شيئاً سوى الانصياع لأقلية الأغلبية.
برافو بومشعل.
– تصريح بعض نواب الأغلبية بأنهم لن يغيروا من موقفهم الغامض فيما يخص دمج الاستجوابين، وتحميلهم للحكومة مسؤولية تعطيل عمل المجلس، يدل على نية مبيتة للتصعيد المؤدي لحل مجلس الأمة.
– حتى اللحظة فإن قراءة تصريحات الحكومة مقارنة بتصريحات النواب، تبين الفرق الشاسع بين العمل السياسي الرصين والغوغائية!

اعزاءنا

هتلر كان سيد قراراته فدمر ألمانيا وأوروبا.
عبدالناصر كان سيد قراراته فدمر مصر والأمة العربية.
صدام كان سيد قراراته فدمر العراق والأمة الإسلامية.
وان صدق أحد كذبة أن المجلس سيد قراراته، فسنرى الديكتاتورية النيابية تعيث في الأرض فساداً وهي تحمل راية الديموقراطية.
والحقيقة هي ان المجلس عبد للدستور وخادم للائحة الداخلية، ومن يقل بغير هذا فهو كاذب دجال.
ونحمد الله أننا من أقلية لا تؤمن بهذا المنطق الأحمق، وإن ساءنا أن نكون في مجلس تسود فيه هذه الروح المعادية للدستور، وتنتشر فيه ثقافة تحكم الأغلبية بالدستور، بدلا من القاعدة التي يحكم بها الدستور مسارات الأغلبية والأقلية.
لا بارك الله فيهم.

نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.