صلاح الهاشم: خطأ رئيس أم رئيسين؟


لو كنت مكان الرئيس أحمد السعدون لأجبت على سؤال رئيس مجلس الوزراء «نعم.. هو لوي ذراع دستوري وقانوني وشعبي»، فليس هناك حكومة تسير حسب القانون إلا إذا أرغمت على ذلك، والإرغام ليس بالقوة الجسدية بل هو بالقانون وأدواته وأغلبية شرعية، وهو أمر ليس بالمستحدث فكل ديمقراطيات العالم بدءا من لوكسمبورغ وانتهاء بالهند ترغم الممارسة الديمقراطية حكومتها على معرفة «أن الله حق»، ومع ذلك لنراجع مجتهدين أخطاء حدثت بالأمس.
الخطأ الأول: استبعاد الأغلبية للنائب عبيد الوسمي ومحاوره.
الخطأ الثاني: تقديم النائب عبيد الوسمي استجوابه مستبقا استجواب الأغلبية في تصرف تحكمه مدد وفترات معينة حددتها اللائحة لنظر الاستجواب.
الخطأ الثالث: تدارك الأغلبية لهذه الأخطاء دفعها إلى ارتكاب خطأ قاتل دستوريا ولائحيا بدمج الاستجوابين مع اختلاف محاورهما، وهو أمر يستلزم موافقة المجلس عليه.
الخطأ الرابع: مراهنة الأغلبية على وجود هذه الأغلبية لديها كغطاء قانوني لدمج الاستجوابين.
ولأول مرة في اعتقادي يقدم مستشارو الحكومة رأيا قانونيا صائبا بعدم جواز الدمج مع ما يترتب على ذلك من نتائج أبرزها إصرار الحكومة على تلبية طلبها بعدم الدمج تمهيدا لطلب تأجيل استجواب الأغلبية إلى ما بعد أسبوعين.
– حدث سجال داخل الجلسة، وأصبح واضحا إلى أين يتجه الأمر، وهنا ارتكب رئيس الحكومة خطأه الجوهري بدعوة وزرائه للانسحاب حتى يتم تأجيل الجلسة ورفعها، مستندا إلى نص المادة (116) من الدستور التي تنص في فقرتها الأخيرة على: «..ويجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها»، وهو أمر وجوبي لم يشرع الدستور عقابا على تخلفه مثل عدم جواز انعقاد الجلسة أو بطلانها، بل هو -في رأيي- رسالة دستورية تطالب الحكومة باحترام المجلس الذي يعبر عن الأمة مصدر السلطات جميعا، وقد حدثت سابقة لذلك، حين انسحبت الحكومة أثناء انعقاد الجلسة خلال رئاسة الزميل عبدالله الرومي واستمر في انعقادها.
والخطأ الرئيسي الذي وقع به رئيس مجلس الأمة رغم كل دهائه وخبرته السياسية واللائحية تمثل في حدوث ما رتبت الحكومة له أن يحدث وهو رفع الجلسة لعدم وجود الحكومة.
وحتى نؤيد ما قلناه يستلزم الإشارة إلى نص المادة (107) من الدستور التي تنص في فقرتها الأخيرة على: «.. فإذا لم تجر الانتخابات خلال تلك الفترة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن
الحل لم يكن …».
وبالتالي وبالقياس الدستوري، فإن الحكومة التي حلت المجلس، لا يتصور عقلا أو منطقا أنها ستحضر إلى ذات المجلس بعد شهرين من حله إذا امتنعت عن الدعوة لانتخابات جديدة، ولذلك حرص المشرع على إغلاق الباب، وأجاز الدستور صحة انعقاد المجلس حتى في حال غياب الحكومة.
مع ذلك فالاستجواب لم يسقط، وما لم يحدث الآن، سوف يحدث بعد أسبوعين، وإذا كان استجواب الشمالي قد تسبب في ما حدث، فماذا سوف يحدث إذا تم تقديم استجواب لرئيس الوزراء وعدة وزراء في ذات الفترة؟ سؤال قد تجيب عنه الأيام القادمة..
* * *
للرقيب كلمة:
في مقال سابق في 28/04/2012 طالبت الوزراء بتنفيذ قانون الخدمة المدنية الذي يقضي بوقف الموظف عن العمل في حال تعرضه للتحقيق إداريا كان أم جنائيا، ويبدو أن هذه المادة كانت مغيبة عن وزير المالية حتى طبقها بالأمس.
وبالمناسبة يقول لي أحد الثقات، إن وزير المالية لم يكن يعلم بوجود القضية رقم 1999/2008 التي رفعها الدكتور فهد الراشد ضد مدير عام التأمينات، إلا عندما أشار إليها مدير التأمينات أثناء لقائه التلفزيوني والصحفي، الذي غمز فيه من قناة النيابة العامة الكويتية في تصرف غير مقبول.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.