خيارات الحكومة قليلة ومحدودة فليس أمامها في هذه المرحلة سوى إجراء تغيير وزاري محدود يتم من خلال ضخ دماء جديدة من غير شوائب سياسية سابقة ثم البدء بحوار مباشر مع نواب الأقلية والأكثرية دون تهميش لأي طرف لضمان بعض من الوقت للاستقرار السياسي أو رفع راية عدم التعاون… ويبدو أن الثاني أقرب للواقع.
المشهد السياسي الحالي في مجلس الأمة لا يمكن التنبؤ به سواء من جانب نواب الأكثرية أو من نواب الأقلية، فالظاهر من العلاقة أن الأكثرية تريد حكومة على مزاجها تمتثل لأوامرها، كما أن الأقلية تريد إسقاطها… مما وضع الحكومة بين نارين بحيث وضعت في موقف لا تحسد عليه، فالاستحقاقات السياسية متعددة ومتشعبة لا يمكن ضبطها إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
هذا المناخ من العمل السياسي لن يستمر، فالضغوط ستتوالى على الحكومة، والثمن سيكون أكبر من قدرتها على المواجهة خصوصاً عندما توضع في زاوية الإملاء كما هو الحال في استجواب الشمالي، فالحكومة اتخذت قرار الصمود واعتلاء المنصة على أمل ألا تبيعها الأكثرية… لكن واقع الحال يقول غير ذلك.
الأمر غير المفهوم في المعادلة البرلمانية هو إصرار الأكثرية على فرض أجندتها بإضعافها المتعمد للحكومة من خلال دمجها للاستجوابين في ظل إصرار حكومي على عدم الموافقة على هذا الطلب، مما بدد آمال الأكثرية في الوصول إلى هدفها وهو الحصول على حكومة في متناول اليد.
خيارات الحكومة قليلة ومحدودة فليس أمامها في هذه المرحلة سوى إجراء تغيير وزاري محدود يتم من خلال ضخ دماء جديدة من غير شوائب سياسية سابقة، ثم البدء بحوار مباشر مع نواب الأقلية والأكثرية دون تهميش لأي طرف لضمان بعض الوقت للاستقرار السياسي أو رفع راية عدم التعاون… ويبدو أن الثاني أقرب للواقع.
الحقيقة الأخرى التي يبحث عنها المواطن تكمن في الكيفية والطريقة اللتين قدم بهما الاستجوابان ثم الطلب بدمجهما مما يدل على سوء إدارة الأغلبية، أو أن الأمر دبر بليل لدفن الحقائق وإعدام كل قضايا الفساد المالي المرتبطة بالرموز والتي ظلت جاثمة سنواتٍ طوالاً على صدور المؤسسات التي يرأسها وزير المالية شكلاً.
هذا الدمج أو الضم أضاع الحقيقة في كشف الكثير من القضايا الوطنية التي أراد الشعب معرفة كل تفاصيلها لوقف مسلسل التعدي على المال العام كبوابة لإصلاح الحياة السياسية والديمقراطية بالكويت، لكن الحقيقة أن هناك خللاً في تطبيق مواد الدستور واحترامها بالرغم من وجود رئيس وزراء فتح كل آفاق التعاون مع مجلس الأمة… لكنها سياسة الإقصاء التي طغت على سياسة التفاهم والتوافق.
بين كل تلك التساؤلات هناك حقيقة واحدة تؤكد أن عمر هذا المجلس لن يطول، فحفار القبر هم نواب الأكثرية الذين لم يعرفوا كيف يوجهون خطابهم السياسي، فكان صراخهم ليس على قدر الألم، ولكن إمعاناً في فرض قوتهم زهواً وبطراً دون إدراك لعواقب تعنتهم رغم مرونة الحكومة معهم، حتى جاءت نقطة اللاعودة وانسحاب الحكومة من جلسة الثلاثاء… ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق