عبداللطيف الدعيج: انتهى زمنكم

ربما أصبح ضروريا اليوم توجيه نصيحة مخلصة لبعض كبار السن وصغار العقول من الذين يعتقدون أو هم يوصفون من قبل بعض العامة بعلماء الدين وشيوخه. علماء الدين وشيوخه كان لهم وزن وأهمية عندما كان الجهل متفشيا بين الناس. وعندما كان حفظ بعض ابيات من الشعر او الآيات، والإلمام بقواعد النحو والإملاء العربي كافيا لأن يتصدّر سعيد الحظ، ممن يمتلك ذلك، المجالس، وتفسح له الطرقات.

اليوم تعقّد الوضع، وطفل يحمل «الآيباد» يفهم أكثر، وهذه ليست مبالغة على الإطلاق، ممن يحتفظ في منزله بكتب وتراث الأولين. وكل ما خطه المؤرخون ونظمه الشعراء وتحاور حوله الفقهاء. طفل اليوم الذي يفك طلاسم التجوال في عالم الفضاء الإلكتروني. طفل اليوم القادر على استخدام التلفون للتحكم بكل شيء، وتلقي المساعدة لعمل اي شيء. اكثر «حكمة» ووعيا وعلما وإدراكا، والأهم من هذا قدرة على فهم الواقع العملي المحيط، والتعايش مع هذا الواقع من بعض الذين نتحدث عنهم، ممن تجرأ وأفتى بقتل المخالفين لهم في المذهب من أهل سوريا.

أيها السادة، «حفظكم» أو احتكاركم للبالي من معلومات، لم يعد تميزا أو خاصية تنفردون بها من دون بقية خلق الله. إن اليوم هو للتفكر وللإبداع وليس للنقل أو الاتباع. العالم تطوّر وتسارع ولفظكم خلفه منذ عقود، بحيث ان ما تملكون من معلومات وما تتميزون به من إدراك لم تعد له فاعليته، بل ضروريته التي كانت في القديم من الزمان.

لديكم عدم قدرة على استيعاب التطور، وتفتقدون، بحكم عيشكم في الماضي، مقومات وأجهزة التواصل مع عالم اليوم والاندماج فيه. لهذا رجاء أكرمونا بسكوتكم، واحتفظوا بفتاواكم وآرائكم لأنفسكم. أو اجعلوها محصورة في المغيَّبين ممن ما زالوا يعتقدون أن لديكم ما ينفع وأنهم ما زالوا بحاجة إلى استذكار أو إعادة استخدام ما تلوكونه من قديم ليل نهار. وخذوها رجاء ممن قال: «يا أيها الرجل المرخي لحيته… ولّى زمانك.. إني قد أتى زمني».

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.