قال الطالب الفتي لاستاذه الشيخ «ما بال فلان يؤلب على الحكومة وهو لها صديق»؟
قال الاستاذ: لقد مل مكان الصديق وطمع بمكان الزميل.
قال الطالب: أوتراه يبلغ ما يريد؟
قال الاستاذ: ولم لا؟ ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل.
قرأت هذه النبذة من كتاب «جنة الشوك» للكاتب الكبير الدكتور طه حسين.
هذه الاطروحة تنطبق على كثير من السياسيين والنواب سواء كانوا من المجالس السابقة أو من مجلسنا هذا.
«ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل» آية كريمة في سورة يوسف قيلت ظلماً وعدواناً من أقرب الناس إليه أحد اخوته، وهي ان دلت على شيء فانما تدل على الافتراء والظلم متى كان وراءه طموح شخصي أو روح عدوانية.
فتبدل المواقف لدى الكثير من الشخصيات السياسية وما يجري من ترتيبات وراء الكواليس، شيء لا يمكن تصديقه، بل انها تبلغ حداً من الخطورة، بحيث تنزع الحياة عن بعض الوجوه، فترى المبادئ تتغير بين يوم وليلة فلا تعلم من صديقك ومن عدوك.
في هذه الفترة الوجيزة من عمر المجلس خبرت أشياء كثيرة في عالم السياسية، إذ كنت ممن يحكّمون العقل والهدوء في معالجة الأمور، والانصاف في المواقف ليس لك مكان في هذا العالم.
السياسة يكسب بها ذوو الصوت العالي والنبرة الجاذبة التي تهاجم الفساد حتى لو كانت هي جزء منه.
لكي تنجح في السياسة يجب ان تكون ميكيافاليا في بعض الأحيان، متدنيا في وقت آخر، ليبراليا في موضع الليبرالية، مناصراً لحقوق المرأة ان استطعت ان تكون كذلك، مهاجماً لتوجهات الحكومة حتى لو كنت مواليا بالباطن، عند كبار السن لك وجه وعند الشباب لك وجه آخر وعند الطبقة التجارية لك وجه ثالث.
أحياناً أشعر انني أمشي على شوك، حين تعرض بعض القوانين ينتابك شعور غريب ماذا وراء هذا القانون؟ أهو نفس وطني، أو مصلحي، أو قبلي، أو طائفي، وأين الحق وأين الباطل ومن المستفيد؟ ماذا يقول الشرع؟ وماذا يقول الدستور؟ وما رأي الشارع وما رأي الحكومة وكيف سيقيمك الناس؟
عالم غريب سأكتب عنه ان شاء الله في يوم من الأيام.
النائب د. صلاح عبداللطيف العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق