صلاح الساير: الوحش الجحش

يحكى أن مدير إحدى المدارس في الغرب قام بتأسيس فصل أطلق عليه اسم (التفوق) واختار بنفسه، وبسرية تامة، طلبة الفصل ومعلميه وبعد انتهاء العام الدراسي حقق الفصل نجاحات لافتة، أثبتت قدرات مميزة لدى الطلاب والمعلمين معا، وفي حفل توزيع الشهادات ألقى المدير كلمة اعترف من خلالها بأن الاختيار تم بصورة عشوائية، أما سر التفوق فيعود إلى نظرية النبوءة ذاتية التحقق.
هذه النظرية تعتمد على تزييف التجربة الانسانية من خلال رسم صورة مزيفة في الذاكرة تولد لدى الإنسان سلوكا جديدا مغايرا لسلوكه الأصلي. فالطلبة والمعلمون الذين تم اختيارهم للمشاركة في فصل التفوق كانوا يعتقدون أن الاختيار تم لقدراتهم المتميزة فقام الطلبة بالحرص على التحصيل العلمي لمجاراة مهارات المعلمين الذين اخلصوا في الشرح والتدريس لمسايرة نبوغ الطلبة.

الإنسان كائن عجيب ومتحول. وقد يصدق المرء ما يشاع عنه رغم معرفته في بداية الأمر أن الذي يحكى عنه غير صحيح لكن بمرور الوقت والتكرار يبدأ تدريجيا بتقمص الدور الجديد إلى درجة أنه قد يحمل في ذاكرته تجارب لم تحدث. فإذا صادفنا شخصا يحمل صفات أو يمارس سلوكا غير ما خبرناه عنه في الماضي فلا نتعجب، ذلك أن شخصياتنا عرضة للتغيير السلبي والإيجابي، والشخص الجحش قد يتحول إلى وحش والعكس صحيح! صلاح الساير

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.