كان مفهوما منذ أسابيع أن الوزير مصطفى الشمالي لا فرصة له في البقاء في وزارة المالية متى ما قدم استجوابه، وهو ما حدث، بل كان واضحا أن الشمالي لم يكن راغبا في صعود المنصة أساسا لولا ضغوط مورست عليه، لذا أعلن استقالته من على المنصة حتى يقطع الطريق على أي ضغوط أخرى عليه للاستمرار حتى جلسة التصويت على الثقة.
والمهم الآن أن تلتفت المعارضة إلى ما هو أهم بكثير من خروج الشمالي:
أولا: التركة الثقيلة من الملفات الغارقة في الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وأخص منها ملفات الهيئة العامة للاستثمار التي ـ كما قال أحد النواب ـ لاتزال تعيش في زمن ونفوذ الحكومة السابقة.
ثانيا: مصير حقيبة المالية ومن سيتولاها، ويبدو واضحا أن أصحاب القرار يفضلون واجهة نظيفة ماليا لشغل المنصب، ولكن «مطواعة» ولا ترفض أمرا أو توجيها وتتغاضى عن التجاوزات.
ثالثا: تذبذب واضطراب الأغلبية في إدارة استجواب الشمالي بسبب الكيمياء غير المنسجمة (مسلم + عبيد) تحتاج إلى معالجة، إذ من المرجح أنها ستتكرر في استجوابات مقبلة.
رابعا: ننصح تكتل «الشعبي» أن يخفف من غلواء اندفاعه في تولي زعامة الأغلبية لأن هذا قد يؤدي إلى تمزق تدريجي في تماسكها، وأعتقد أن كتلة التنمية والإصلاح وهي الأكبر في المجلس مالت حتى الآن إلى مجاملة «الشعبي» لكن هذا لن يستمر للأبد.
ولا يشكك أحد في الدور الوطني المتميز لـ «الشعبي» وخصوصا القطب مسلم البراك في قيادة المعارضة في معارك كثيرة مع قوى الفساد، لكن «الشعبي» غير محصن من الخطأ وسوء التقدير، وما قضية «الداو» التي انكشفت بعض حقائقها المرة الآن إلا نموذجا على ذلك.
خامسا: أكدت معركة استجواب الشمالي (وخصوصا الجلستين اللتين لم تعقدا بسبب خروج الحكومة) الحقيقة التي يعرفها الكويتيون، وهي أن كثيرا من القرارات الحاسمة لا تتخذ داخل مجلس الوزراء، وإنما لها مواقع خارج الحكومة وبتأثير من قوى تجارية واجتماعية ليس لها وجود في الدستور، وعلى المعارضة الانتباه إلى هذه الحقيقة وهي تتعامل مع الحكومة، ولا دليل على هذا من قيام عناصر محسوبة على الحكومة السابقة وعلى أقطاب في الأسرة بالتهديد المستمر باستجواب رئيس الوزراء الحالي.
سادسا: مرة أخرى يثبت الإعلام البديل مثل «التويتر» أنه المؤثر الأقوى في صنع وتوجيه الرأي العام وإيصال المعلومة سريعا إلى الجمهور، وكان التويتر هو وكالة أنباء الكويت الفعلية خلال جلسة الاستجواب الماراثونية، ويجب أن تعزز المعارضة تواصلها وتفاعلها مع هذا الإعلام.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق