يوسف الشهاب: تسمية الشوارع.. مخامط

ازدادت في الآونة الأخيرة تسمية الشوارع بأسماء شخصيات كويتية راحلة من جانب المجلس البلدي، وهي خطوة محمودة ومشكورة لتكريم رجال قدموا للكويت الجهد والعطاء والمال وكتبوا جزءاً من تاريخها القديم والحديث، حتى صار من واجب الدولة رد الجميل لهم من خلال تسمية شوارع بأسمائهم، وهو أبسط وأقل ما يمكن أن تقدمه لهم بعد وفاتهم.

هذا الاهتمام بتكريم رجالات الكويت يجب ألا يتساوى فيه من يستحق هذا التكريم ومن لا يستحقه إلا بالواسطة، مع التقدير والاحترام الصادق للجميع، لكننا أمام ظاهرة علينا ان نكون منصفين بالتعامل معها إذا ما أردنا تقدير الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه في حياتهم، من أعمال لا تزال تتحدث عن ذكراهم، هذا الانصاف بالتعامل يجب ألا يكون متساوياً في أسماء الشوارع لرجال يشرفون الشارع وآخرين سيشرفهم الشارع لعدم تقديم أي شيء من جانبهم للوطن، اللهم إلا لأنهم وجدوا واسطة من الأبناء أو قريباً لهم في «البلدي»، وربما في مجلس الوزراء، وهي، أي الواسطة، سلبت الحق ممن يستحق وأعطته من لا يستحق.

نعرف، من دون شك، العديد من رجالات الكويت الذين غادروا دنيانا بعد ان ساهموا في بناء هذا الوطن ماضياً وحاضراً، كما نعرف أولئك الرجال الذين لم يقدموا للكويت إلا تجارتهم الخاصة، التي لم يستفد منها الوطن ولا أهله، والفارق كبير بين الجانبين، الأول أعطى من دون حدود وأنفق بالأعمال الخيرية باليمين ولم تعلم الشمال، وشارك في المجالس المختلفة وساهم في بناء اقتصاد وتعليم وصحة وإسكان وطننا على كل صعيد، والثاني – لا نعلم عنه سوى – الاسم ومع ذلك يأتي المجلس البلدي وبالواسطة وارضاء للبعض باختيار اسماء لا وجود لها في تاريخ الكويت لتأخذ أسماء الشوارع عندنا، وكأن العملية مخامط في مخامط.

فلترة الأسماء المطروحة والمقترحة لاطلاق الشوارع والطرقات عليها يجب ألا تناط بالأخوة أعضاء البلدي، مع كل التقدير لهم، لأنهم لا يملكون الخلفية التاريخية التي تؤهلهم لتحديد أسماء رجالات الكويت لاطلاقها على الشوارع والطرقات، ولذا فإن المطلوب من مجلس الوزراء تشكيل لجنة من أهل الخبرة في معرفة رجالات الكويت ودورهم الذي قدموه في حياتهم لاختيار من يستحق ان يعلق اسمه في مدخل الشارع ووسطه بعيداً عن المجاملة والإرضاءات التي أضاعت حتى قيمة هذه التسمية لصاحبها ولأهله، مجلس الوزراء مطالب بأن يكون أكثر جدية في التعامل مع هذا الأمر الذي فقد أهدافه ومقاصده بعد ان صار الاختيار للأسماء «مخامط».. وسباقا على الشوارع والساحات والطرقات، كل يريد الحصول على موقع بالشارع ليكون اسماً لقريب له ولا عزاء لدور هذا الإنسان وبأحقيته في التسمية أو عدمها، ومن سبق الى المجلس البلدي لبق، في تسمية شارع من الشوارع.

نغزة

حين اقرأ بعض اليافطات على الشوارع مكتوب عليها اسم الشخصية الكويتية اسأل نفسي: ماذا قدمت للكويت، بينما أقول عن الشخصية الأخرى بشارع آخر.. تستاهل أكثر من شارع.. طال عمرك.

يوسف الشهاب
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.