استجواب وزير النفط هاني حسين كان أمراً مستحقاً رغم قناعتنا التامة بتأجيل المواجهات حتى دور الانعقاد القادم، لكي لا ندع للحكومة أي عذر في تأخر تنفيذها ما وعدت سمو الأمير به واغرت تطلعات الشعب له.
ودعوتنا للهدوء تنطلق كذلك من قناعة بان التأزيم والتصعيد قد اثبت فشله الذريع في تحسين حياة المواطنين او الاصلاح السياسي.
وكنا قد قلنا ان اداة الاستجواب لم تعطل ولم تلغَ بتأجيل الاستجوابات السابقة، وان تفعيلها مرهون بالازمات والاستحقاقات السياسية. وهذا ما حدث في قضية «الداو»، فقد استجد أمر ضخم وحدث مزعج بما فيه الكفاية ليتحلل المجلس من تعهده السابق بتأجيل استجواب وزير النفط الى دور الانعقاد القادم.
الوقت اثبت ان رأينا بأن تأجيل الاستجوابات ليس ضعفاً في المجلس كما يصور ابطال الخسارة النيابية المبطلة، بل هو تعرية للضعف الحكومي الذي لم يجد له مبرراً على تأخير الانجاز في ظل مجلس الانجاز.
والوقت اثبت ان تأجيل الاستجوابات لا يعني تعطيلها أو الغاءها فها هو استجواب وزير النفط جاء عندما حان له استحقاق ومواءمة وضرورة.
اليوم تؤكد الاخبار ان معالي وزير النفط قد آثر الاستقالة ولم يتخل عن مسؤولياته. فاستقالته استحقاق سياسي رغما عن الجميع وحتمية أملتها المستجدات على «الداو» ودفعتها البليونية، واستقالته تجنيب لمواجهة غير مستحبة وتصعيد غير مرغوب فيه.
ولكن الوزير الدمث لم يتخل عن تحمل المسؤولية وهو يريد الوصول الى محكمة الوزراء ليس لإثبات براءته وانما ليصل الجميع الى عمق حقيقة الداو ومن صاغ عقدها ومن ساهم في الغائه ومن ورطنا في شرط التعويض البليوني.
فشكرا معالي الوزير هاني حسين.
من جانب آخر نظن ان الحكمة والمواءمة السياسية – خاصة ان السياسة هي فن الممكن – ان يصوت المجلس مع تأجيل استجواب الشيخ أحمد الحمود وزير الداخلية، اما بالتأجيل المباشر او بالاحالة الى التشريعية.
فرغم موقفنا المتشدد من التراخي الامني على يد الشيخ احمد الا ان وعدنا بتأجيل استجوابه السابق لم يستجد عليه ما يقنعنا بتغيير موقفنا او التحلل من ذلك الوعد بالتأجيل.
ولقد كانت هناك حادثتان فاتتا على الزملاء مستجوبي وزير الداخلية، كان يمكن لأي واحدة منهما ان تكون سبباً للإسراع في استجوابه، الاولى كانت يوم سرقة الذخائر من ميدان الرماية، والثانية يوم فشل وزير الداخلية في تطبيق حكم قضائي نافذ في حق مسلم البراك الذي كان هارباً من العدالة.
وقد يستجد غداً سبب أو ظرف او حادثة تبرر استجواب وزير الداخلية، اما اليوم فليس هناك من سبب سوى استدراج تصعيد مفتعل وتضييع وقت الإنجاز التشريعي أهم من الوزير ومن استجوابه.
فنرجو ان يعتبر الزملاء ويحكموا العقل والرزانة السياسية مستفيدين من احداث الايام القليلة الماضية.
< هناك نصوص وهناك مقاصد دستورية. وهناك ايضا ممارسة برلمانية قد تخالف هذه النصوص مخالفة صريحة، وذلك لتفشي ثقافة دستورية مختلة عند البعض، اسس لها نواب سابقون وخطابات نيابية سابقة متأججة اللغة خشنة المفردات.
فالكل مثلاً يتحدث عن الحق الدستوري المطلق للنائب الفرد في تقديم الاستجواب لأي وزير في اي وقت كما كفل له الدستور.
وهذه حقيقة غير مكتملة، بل هي حقيقة منقوصة.
فالدستور الذي يؤسس للنظام الديموقراطي لا يمكن ان يخلق من النائب الفرد ديكتاتوراً متسلطاً على رقاب الخلق وارادة الاغلبية.
ولكن الدستور يتيح للنائب أن يستخدم الاستجواب كأداة فاعلة في الترشيد والضغط والاصلاح بشرط مسكوت عنه… وهو شرط موافقة اغلبية المجلس!.
نعم من حق النائب ان يقدم اي استجواب لأي وزير في اي وقت، ولكن من حق المجلس عبر التصويت وبالأغلبية ان يؤجل الاستجواب او يحيله الى اللجان المختلفة او يعلقه الى موعد بعيد قد يصل الى نهاية الفصل التشريعي.
ولكن الناس لا تسمع بهذا الحق الديموقراطي الاصيل. غير ان حق التصويت هو ما يعلق بذهننا فقط، لانه ما املته حناجر البعض من ثقافة منقوصة. تماماً مثلما ظلوا يكررون على الجهلة ان الدستور يقر بأن الامة صاحبة السيادة ومصدر السلطات جميعاً!. ولكنهم لا يكملون قراءة المادة السادسة للجمهور حيث تقول «وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور»!.
فهم يريدون ممارسة السيادة على الوجه الذي يحلو لهم ولاهوائهم المريضة… فقط.
أعزاءنا
لابد من الاعتراف بأن هناك تغيير ملحوظ في اداء وزارة الداخلية، يتصدره أداء السبع عبدالفتاح العلي وبقية القيادات الامنية، في ضبط ايقاع الشارع وملاحقة مخالفي قانون الاقامة.
وهذه الانجازات ما كان لها ان تتم لولا فتح المجلس الحالي لملف الانفلات الامني، وعدم تدخل النواب الحاليين لعرقلة تطبيق القانون كما كان يفعل المبطلون!.
ولعل في هذه الانجازات وهذه البدايات ما يساهم في تفهم الزملاء النواب لمقابلة التحسن في الاداء الامني بتأجيل المساءلة للوزير.
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق