حتى لا ننسى..
مسلم البراك: «من يملك أن يلغي هذا المشروع من دون أن تدفع الكويت فلسا واحدا هو سمو رئيس مجلس الوزراء».
فيصل المسلم: «لن ينزل الاتفاق الجزائي إذا تم الإلغاء قبل 2 يناير».
جماعة القطيع العربي أو الكويتي معنيون بشكل مذهل بمن وضع الشرط الجزائي في مشروع «الداو كيميكال»، ومتغاضون بشكل مذهل ايضا عمّن ألغى العقد وتسبب في تفعيل الشرط الجزائي. ومن اجل اقناع الغير بسلامة موقف رموزهم وضمائرهم يقدمون «سيناريو» للعملية، يشبه إلى حد كثير «سيناريوهات» الافلام الهندية القديمة.
تحليلهم أو ترويجهم لقضية «الداو» يعتمد على ان هناك ــــ كما اعلن مسلم البراك ــــ بؤرة فساد في مؤسسة البترول، وبؤرة فساد في الحكومة، وبؤرة ثالثة في المجلس الاعلى للبترول. بؤر الفساد هذه اتفقت مع شركة «داو كيميكال» ووقعت مجتمعة، بالاضافة إلى وزير النفط السابق محمد العليم، عقد انشاء اكبر مصنع في العالم للبتروكيماويات. ولضمان حقوق الطرفين الموقعين على العقد تم تضمين شرط جزائي عالي القيمة من اجل تحقيق اكبر ضمان للشريكين في المضي بتنفيذ العقد. هذا الشرط، حسب «سيناريو» القطيع، تم وضعه بهذا الشكل المبالغ فيه من قبل الاطراف الكويتية الاربعة، مؤسسة البترول، المجلس الاعلى للبترول، حكومة الكويت، وزير النفط، من اجل «اقتسام» المبلغ الضخم في حال إلغاء أو تجميد العقد.
وزير النفط دافع بشدة عن المشروع، يعني بالعربي ليس لديه ولم تكن لديه نية أو بالاحرى تآمر لإلغائه، المجلس الاعلى للبترول دافع اغلب اعضائه عن المشروع ايضا، بل استقال بعضهم احتجاجا على إلغائه. الحكومة كانت في البداية صامدة، وداعمة بقوة للمشروع.. حتى تم التلويح باستجواب رئيسها الذي كان لسبب ما يحرص على تجنب صعود المنصة وعدم مواجهة الاستجوابات، فكان ان تم إلغاء العقد.
ليس وزير النفط من ألغى العقد، وليس المجلس الاعلى للبترول، وليست مؤسسة البترول. وليس برغبة الحكومة وقناعتها. هذه الاطراف المتهمة بالفساد وبالنية المبيتة لتقاسم غرامة إلغاء العقد المليارية لم تلغ العقد أو حتى تتردد بشأنه، بل كافحت بعنف للمضي في المشروع. وزير النفط قال ليس هناك عمولات في المشروع، ولم تدفع الدولة ديناراً واحداً عمولة… في رأيه كان هذا سبب الهجمة على المشروع لأنه لم يكن له «وكيل» يحميه.
من اجل إلغاء العقد كان لا بد من تحريك الاعلام، وخلق ضجة شعبية وطنية ضد المشروع. وقد تولت الزميلة «الوطن» الدفاع عن المال العام هنا، وكانت جريدة «الآن الالكترونية» والكتابات المتكررة لمعلقات الزميل زايد الزيد مع نواف الفزيع، حماة المال العام الجدد، ضد المشروع. تحريك الاعلام لم يكن كافيا، اذا لا بد من ايجاد طرف أو مؤسسة كويتية تملك القدرة والحق في الغاء أو وقف المشروع. المؤسسة الكويتية الوحيدة الباقية، صاحبة القدرة على الغاء المشروع، هي مجلس الامة، واصحاب الحناجر القوية فيه. وليس اقوى من حنجرة فيصل المسلم ومسلم البراك، مع الحنجرة كان لا بد من وجود التأثير والمصداقية فكان احمد السعدون.
الان بعد اكتمال عرض «السيناريو».. أليس من حقنا التساؤل عن الفاسد الرئيسي؟ عمّن ألغى المشروع وعمن اتاح لبؤرة الفساد المزعومة في النفط جني ثمار الشرط الجزائي الملياري؟!! هم حطوا الشرط الجزائي وهم تآمروا على الدولة والوطن.. قابلين هذا الترويج «القطيعي».. لكن هذا «السيناريو» الخرافي لا يمكن له ان يتم الا بوجود طرف قادر على الغاء المشروع.. اشرحوا لنا كيف تم لهم اقناع نواطير المال العام بالمطالبة بإلغاء المشروع.. هل ضحكوا عليهم، واستغفلوهم؟!
***
نعم الغوا الجنسية
• بعد ثلاثمائة سنة تحضرا، وبعد نصف قرن من النظام البرلماني، هناك من لا يزال يصر على اعتبار فهد الرجعان «مطيري»، والدكتور ابراهيم الرشدان «عازمي». الشهيد مبارك النوت، كان في عام 1962 مسؤول خلية في حركة القوميين العرب، كان من ضمن من فيها المرحوم احمد الربعي وانا، يعني قومي منذ اكثر من نصف قرن.. مع هذا هناك من يصر على اعتباره قبليا! كل هذا ربما امر طبيعي، ما هو غير طبيعي وغير معقول ان لدينا الكثير ممن يرى الواقع كما يريد وليس كما هو، يتغاضى عن الصراع البدائي العنصري لمصلحة أوهام الصراع الطبقي، بين البروليتاريا والرأسمالية.. وتطبيقا لما تحفظه من كتيبات!
***
• كثيرون وجدوا في مقال الاربعاء الماضي، الذي طالبت فيه بإلغاء الجنسية، تطرفا أو طرحا غريبا لا يتفق والواقع، لدرجة ان احد المتابعين جزم باني كتبت الموضوع وأنا «حمقان». طبعا الانسان بالفعل يغضب ويشمئز من الطرح العنصري والطائفي، خصوصا انه عند الكثيرين يتلبس رداء التدين أو الوطنية والمصلحة العامة. لكن يبقى مهما التأكيد على ان الغاء الجنسية امر طبيعي يتماشى مع النظام الديموقراطي ويعبر عنه، وكتبته وأنا مرتاح وبعد تفكير طويل وعميق.
الرجوع إلى الأصل، لا شك حق لكل مواطن. ولكل فرد حرية «الفخر» بأصله وفصله والتمسك بميراثه وتقاليده. طالما ان ذلك لا يتدخل في سلوك الآخرين وحياتهم، ولا يعتدي عليهم باي شكل من الاشكال. لكن عندما تلجأ الدولة أو مؤسساتها إلى تمييز الناس وفقا لاصولهم فهذا خطأ، وعندما تتمادى هذه الدولة أو مؤسساتها فتتعمد التمييز بين مواطنيها حسب اصولهم أو مقدار اقامتهم فهذه جريمة. ان الدستور الكويتي والعقد الدولي لحقوق الانسان يحرمان التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الدين. فما دامت المادة 29 قد ساوت بين الناس امام القانون، فلماذا رسميا هذا كويتي وذاك اجنبي؟ ولماذا الكويتي مقسم إلى عشرة اقسام، جنسية اولى وجنسية ثانية وسابعة وثامنة..الخ، الولد ينتخب والأب محروم من حق الانتخاب؟! ولماذا الناس مصنفون اجتماعيا إلى بدو وحضر، أصيلين وبياسر، قبائل شمال وقبائل جنوب.. وليس كما يتمنى ماركسيونا إلى بروليتاريا ورأسمال؟ ولماذا «تسمح أو تطلب الدولة» ان يتبع اغلب مواطنينا حرف «الياء»؟
ان اصرارنا على الاحتفاظ بالجنسية راجع إلى عدائنا للمساواة، وإلى انكارنا للعدالة، وإلى تلهفنا على تكريس التفوق والتمايز بين الناس. ليس هناك اي معنى للجنسية في مجتمع ديموقراطي يساوي ويحكم بالعدل بين الناس. ليس من المفروض في الطبيب ان يعالجك حسب جنسيتك، ولن يحتاج القاضي إلى التعرف على اصلك كي يحكم لك أو عليك، فالعدالة في المجتمع الديموقراطي من المفروض ان تكون عمياء، اي انها لا ترى المتخاصمين أو لا ترى الفروق التي بينهم. وليس من شأن الموظف المكلف بخدمتك ان يسأل عن اصلك أو فصلك أو جنسيتك.
قضية واحدة يختلف فيها المواطن أو يتميز بها عن غيره وهي حق الانتخاب.. وهذه بحاجة إلى «كرت» انتخابي أو بطاقة، وليست بحاجة إلى جنسية ودرجة اولى بعد! لكن نحن مجتمع استحواذي ريعي، «الكويتي» يأخذ ولا يعطي.. بينما غيره يعطي ولا يأخذ.. ولهذا نحرص على التمييز ولهذا نضع على رأس «الكويتي» الريشة أو الجنسية حتى تفتح له وحده ابواب الجنة.
***
• بالمناسبة نبارك للمعلمين العرب حكم محكمة الاستئناف، الذي ألغى التمييز القائم ضدهم على اساس «الجنسية»، والذي انصفهم بمساواة رواتبهم الاساسية برواتب المعلمين الكويتيين.
***
في النهاية نخليكم مع… مشعل العروج في «بس ملينا»… إذا ما اشتغل الرابط غوغل بس ملينا، مشعل العروج.
</p>
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق