عندما «يتمرد» النائب السابق خالد السلطان على المؤسسات الدستورية ويعلن بكل صراحة ووضوح أنه لا يحترم ما يصدر عنها من قرارات، سواء كانت تلك هي السلطة التشريعية أو التنفيذية أو حتى القضائية، لأنه ليس طرفا فيها، هو أمر يمكن فهمه في إطار عداء التيار السلفي عموما للديمقراطية وتداعياتها، رغم «مداهنة» طرف في ذلك التيار للعملية الديمقراطية والدستورية.
ما لا يمكن فهمه أن تتنكر بعض القوى المحسوبة على التيار الدستوري لتلك المؤسسات، وترفض ما يصدر عنها، وأبرز تلك المؤسسات المحكمة الدستورية، التي يفترض أن تكون تلك القوى أول من يحترم قراراتها ويدافع عنها، حتى وإن كانت تلك القرارات تتعارض مع توجهاتنا، فالقضية مرجعية وليست قضية اختيارية وحسب الأهواء حتى يمكن التنصل منها عندما نريد.
كنا نعتب على الحكومات السابقة عدم احترامها للمؤسسات الدستورية وتجاوزها على تلك المؤسسات في بعض الأحيان، وكنا نعتب على الحكومات السابقة استخدامها للمكونات الاجتماعية ضمن أجواء المماحكات والسجالات السياسية اليومية، وكنا نعتب أيضا على الحكومة استخدامها للمال السياسي، واليوم تورطت بعض القوى الدستورية في مخالفة اللاءات الثلاث حتى أصبحنا نخجل من تلك المواقف.
الحكومة اليوم اكتسبت شرعية في تجاوزاتها السابقة، بعدما أسبغت عليها بعض تلك القوى الدستورية الشرعية، من خلال ارتكاب الخطيئة نفسها بحق الدستور والمؤسسات الدستورية، وأصبح الجميع في القارب نفسه، ولم يعد بالإمكان التصدي لأي تجاوزات حكومية في المستقبل بالطاقم الموجود نفسه حاليا من تلك القوى الدستورية، ولابد من التجديد في أوساط تلك القوى ورحيل أولئك الذين رفعوا شعار الغاية تبرر الوسيلة ونصّبوه رغما عن الحراك السياسي وشبابه وجنوا عليه في وقت لاحق.
لابد من إعادة صياغة شعبية للمشهد السياسي ليواكب المرحلة المقبلة، ولابد من تقدم الشباب لذلك المشهد وعدم الركون إلى بعض القوى القديمة التي ارتكبت خطيئة التنازل عن المبادئ الدستورية من أجل الحصول على «ثمرة» مهما كانت التضحيات الدستورية، فبقاء تلك القوى في واجهة المشهد السياسي إعلان صريح بأن الدستور يمكن انتهاكه في أي وقت، سواء من طرف الحكومة أو من طرف تلك المجاميع.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق