بالتعليم يقاس تقدم الأمم وتحضرها، وبالتعليم تواجه الدول تحديات المستقبل، والاهتمام بالتعليم وتطوير النظام التربوي من المفترض ان يكون هو هاجس الحكومات والدول التي تسعى جاهدة للنهوض بمستوى شعوبها لمسايرة ركب التطور والرقي.
طالعتنا الصحف المحلية خلال اليومين الماضيين بصدور قرار بالجامعة والتعليم التطبيقي بقبول حمله الدكتوراه الحاصلين على معدل جيد بالبكالوريوس كأعضاء هيئة تدريس، بحجة سد النقص بأعضاء هيئة التدريس، والحقيقة أن مثل هذا القرار هو ردة تعليمية، ومن المؤسف أن تلجأ الجامعة والتعليم التطبيقي إلى التنازل عن المبادئ التعليمية التي تضمن جودة التعليم من خلال تعديل نظام قبول أعضاء هيئة التدريس ليصبح بالإمكان تعيين الحاصلين على معدل جيد بالبكالوريوس من حمله الدكتوراه متراجعين عن نظام سارت عليه الجامعة منذ إنشائها في ظل حديث متنام عن التدني والقصور بنظامنا التعليمي، باعتراف الكثير من القيادات التربوية، إضافة إلى الكثير من التقارير سواء من جهات بحثية محلية (المجلس الأعلى للتخطيط) أو منظمات دولية متخصصة (البنك الدولي / تقرير طوني بلير)
كما أن من المؤسف أن يدفع التعليم ثمن الحراك السياسي الذي تشهده البلاد، وأن يكون التعليم محل تجاذبات وتسويات سياسية بعيدة كل البعد عن المهنية التعليمية.
ولابد ان نشير الى أن هناك ضغوطا استمرت أكثر من ثلاث إلى أربع سنوات لكي تخضع الجامعة والتعليم التطبيقي إلى تعديل شروط قبول أعضاء هيئة التدريس.
فالتحجج بالنقص بأعضاء هيئة التدريس وبمواجهة ازدياد أعداد الطلبة يعتبرحججا ممجوجة، ولا يمت للمهنية بصلة، وهو بطبيعة الحال هروب من مواجهة حقيقة وضع نظامنا التعليمي بالكويت بشقية العام والعالي.
ومؤسف أن يأتي هذا القرار في ظل حديث متنام عن تدني مستوى مخرجات الثانوية العامة وفق دراسات علمية أجرتها الجامعة، وتدني مستوى خريجي الجامعة وفق دراسات علمية أجرتها وزارة التربية، فهل العلاج هو تعديل شروط قبول أعضاء هيئة التدريس ليتم قبول حملة معدلات الجيد بالبكالوريوس؟ أمر بحاجة إلى إجابة.
التكسب السياسي
إن التعليم لا يجب ان يكون ساحة للتسويات والتكسب السياسي على حساب دعم التعليم وتطويره، ومثل تلك القرارات هي للأسف استكمال لسلسلة من القرارات والتشريعات التي ستؤدي الى ان يدفع نظامنا التعليمي ثمنها ابتداء من قانون إنشاء جامعة جابر، التي سبق وان حذرنا منها وبما يحتويه هذا القانون وما تضمنه من وسائل هدم التعليم العالي بالكويت.
وها هي القرارات المكملة التي من شأنها أن تهدم نظامنا التعليمي، فبعد أن كانت هناك مقترحات تشريعية لإلزام الجامعة والتعليم التطبيقي بقبول كل حملة الدكتوراه كأعضاء هيئة تدريس وأيضا مساواة حملة الدكتوراه العاملين بمؤسسات الدولة بأعضاء هيئة التدريس من حيث الرواتب والمزايا وغيرها يأتي اليوم قرار تعديل شروط قبول أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والتعليم التطبيقي.
والأمر الخطر في هذه القرارات ان تكون تمهيدا أو بداية لقبول كل حملة الدكتوراه من الجامعات غير المعترف فيها، أو من حصلوا على الدكتوراه دون تفرغ كامل أو بالانتساب أو من خلال دكاكين جامعية (في بعض الدول العربية ودول شرق آسيا إضافة الى بعض الدول الأوروبية).
فقد كشفت الكثير من عمليات التحقق حول مشروعية وقانونية هذه الجامعات على أنها لا ترقى لتكون كلية جامعية، ولعل اللجان التي شكلتها الوزيرة السابقة نورية الصبيح خير دليل على ذلك ويمكن الرجوع إليها.
او قد تكون تمهيدا للتعديل على شروط البعثات للدكتوراه بالجامعة والتعليم التطبيقي لتكون بمعدل«جيد بدلا من جيد جدا» ليقضي بذلك على روح التحدي والمثابرة لدى الطلاب، بحيث اصبح بمقدورهم الحصول على بعثة بمعدل جيد بعد ان كانت جيد جدا، وبالتالي يقل حرصهم على الحصول على معدلات عالية حيث بمقدورهم الحصول على بعثة دراسية بأقل جهد وبأقل معدل.
أي تطوير بالتعليم نريد؟
من الواجب على مجلس الوزراء أن يكون له دور في إسقاط هذا القرار خلال الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء، كما ان هناك استحقاقا على المجلس الأعلى للتخطيط أن يكون لهذا الموضوع إسقاط على الاجتماعات المقبلة للمجلس لمواجهة مثل هذا القرار وتداعياته على المستوى الأكاديمي.
كذلك أتمنى أن يكون لجمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة دور في مواجهة هذه القضية وبحث جميع جوانبها.
• دعوة مخلصة لجميع المهتمين سواء من هم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والتعليم التطبيقي أو من خارج قطاع التعليم والمهتمين بالشأن التعليمي بالبلاد الانتفاضة لهذه القضية، وكذلك على كتاب الزوايا والرأي العام أن يقوموا بدورهم بالتصدي لهذه القضية التي تشكل خطرا على مخرجات الجامعة والتطبيقي.
عادل عبدالعزيز الصرعاوي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق