الكثرة تغلب العقل

عبدالمحسن جمال
المجلس الحالي بأكثريته النيابية بدأ يتعامل مع الأحداث من خلال فرض رأي الأكثرية من دون الاكتراث برأي الأقلية. بل إن لسان حاله يدعو الوزراء إما إلى الاستجابة لرأي الأكثرية، وإما إلى الاستقالة.
والواضح أن النواب القدامى جيّروا النواب الجدد لمصلحتهم، وأخذوا يتكلمون نيابة عنهم.
وهنا يأتي السؤال: هل ينبغي على سمو رئيس الوزراء القبول بعرضهم السابق بتوزير تسعة نواب من المعارضة، وتسليمهم المجلس والحكومة، واختبارهم خلال هذا الفصل التشريعي، وهو حل قد يضطر رئيس الحكومة إلى استخدامه، إذا ما استمرت الأغلبية في عرقلة أداء الوزراء؟
ومع أن النائب د. فيصل المسلم قالها صريحة بأن «المعارضة أعلنت استمرارها في التعاون مع سمو رئيس الوزراء، رغم رفض العرض المقدم من قبلها، والخاص بوجود تسعة وزراء يمثلونها في المجلس».
هذا التصريح قد يحوّل النائب المسلم إلى «نائب وديع» مقابل النواب الذين يهددون الوزراء باستجوابهم وطرح الثقة فيهم.
ولعل هذا ما يدعونا إلى قراءة سياسية لاختلافات أولويات كتلة الأغلبية، حيث يرى البعض تقديم القوانين «العقائدية» على غيرها من القوانين، بينما يرى البعض الآخر التريث عن هذا الطرح، وبالأخص محاولة تعديل مواد الدستور، والغريب أن بعض النواب بدأوا يهاجمون «السياسة الخارجية» للكويت، حيث بدأوا يهددون وزير الخارجية بمنع الزيارات للبلد من بعض وزراء الدول الأخرى، مع أن هناك اجتماعات ومؤتمرات عربية تدعو إليها الكويت على أرضها، ولعل المستغرب هو هجوم النائب الشاب والوجه الجديد أسامة الشاهين «على وزارة الخارجية بالذات، وإعادة النظر في من يسمح لهم بدخول الكويت». ويعني بذلك وزير الطاقة اللبناني جبران باسيل. وسبب ذلك كما يقول النائب الشاهين «لأن مواقفه متعارضة مع الموقف القومي الكويتي»! (هكذا)، وهنا نسأل النائب الجديد: ما رأيه في زيارة بعض الوزراء الغربيين المؤيدين للموقف الإسرائيلي ضد العرب؟ وهل سيطالب وزارة الخارجية بمنعهم من زيارة البلاد أيضاً، أم أن الاختيار سيكون «مزاجياً»؟ وما معيار المواقف القومية الكويتية؟
إذا استمر الاندفاع بهذه الطريقة من دون ضابط، فإن تسليم الحكومة بأكثريتها للأغلبية سيكون تحصيل حاصل، وبعدها سنعرف كيف تقاد السلطتان (التشريعية والتنفيذية)!

د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.