مع انتهاء دور الانعقاد للمجلس الحالي ننتقل إلى مرحلة جديدة في العمل السياسي تختلف عن سابقاتها. مرحلة، في اعتقادي، انها ستكون أفضل بكثير من الصخب الذي عاصرناه في السنوات والمجالس السابقة. لن أتكلم عن الانجازات في هذه الشهور القليلة، فهي متروكة لحكم الشعب.. ولكن سأتكلم عن مستقبل البرلمان. ان الحيوية التي لاحظتها في هذه الوجوه الشابة المسكونة بهموم الوطن، بعد ان تخلصنا من احتكار الساحة السياسية لمحترفي الوصول الى البرلمان تبشر بمستقبل واعد، ان النواب شعروا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وانه ليس هناك ضمان لعودتهم الى هذا الكرسي، فلا ضمان قبلي ولا تأمين ديني أو طائفي، فالصوت الواحد قد قضى على هذه «التربيطات» والتحالفات والفرعيات الى غير رجعة، ولم يبق إلا الكفاءة وما يقدمه النائب لمستقبل أفضل وحياة افضل، وان بقاءه مرهون بما يقدمه للوطن، فلا غطاء لهم سوى النجاح والانجاز.
خشونة المعارضة السابقة التي اوصلتها الى طريق مسدود جعلتنا نفكر في معارضة بناءة توافقية، تعتمد المشاركة واعطاء الفرصة للحكومة للعمل من دون تفريط، وليس معارضة الاحلال، كما نادى بها المجلس السابق، حيث اتضح انهم طلاب حكم، وليسوا معارضين.
وبغض النظر عما يأتي به الحكم في السادس عشر من الشهر الجاري، فإنني آمل في ان تتغير المفاهيم وينصهر الشعب في بوتقة واحدة، وينفتح على ثقافات العالم المعاصر بتبني العلم كأساس للتقدم والازدهار. وأول هذا النهج هو البدء بالأولويات التي تقدمنا بها، ويعلمها الجميع بعيداً عن المماحكات السياسية، التي أخّرت البلاد سنوات طويلة وبعيداً عن الشك في كل تحرك حكومي، مما ادى الى وأد الكثير من المشاريع الحيوية، التي نعاني الآن من تبعاتها. إنني أعتقد اننا مؤهلون لهذا النجاح، فنحن بلد صغير بامكانات مادية هائلة وشعب طيب وعائلة حاكمة كريمة منفتحة على شعبها، تنقصنا – فقط – حكومة قوية بإرادة صلبة للاصلاح لا تنكسر امام اي صوت يصرخ عليها، تتبنى خطة لا يمكن النكوص عنها، ولا تتغير بتغيير الوزير أو المسؤول، تنقلنا الى مصاف الدول المتقدمة كنموذج. والساحة الآن مهيأة لذلك بعد ان وضع البرلمان الحالي القاعدة الصلبة للقضاء على الفساد بظهور هيئة مكافحة الفساد والنزاهة كمنطلق حقيقي للاصلاح. انني مرة اخرى متفائل بمستقبل بلدي، بل إنني أحلم بأن تكون الكويت المدينة الفاضلة، التي تحدث عنها أفلاطون منذ 400 سنة قبل الميلاد. ولمَ لا؟ فنحن نستحق ان نكون بهذا المستوى.
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق