حكم تاريخي تنتظره الكويت غداً، عسى ان يفتح المجال لتجاوز حالة الاحتقان السياسي.. لأن التاريخ لا يرحم.
خلال الأيام الماضية لم يكن هناك صوت يعلو على صوت حالة الاحتقان السياسي والترقب التي يعيشها الشعب الكويتي بانتظار حكم المحكمة الدستورية غدا 6/16 للحكم في قضية مرسوم الصوت الواحد.
ومع حالة الترقب التي طغت على السطح بين جميع أطياف المجتمع، اجتهد بعض الخبراء في وضع سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن يكون عليه الحكم غداً، وقد انحصرت هذه السيناريوهات في ما يتوقع حدوثه عند رفض المرسوم أو اعتماده.
وبعيداً عن هذه السيناريوهات، التي لن نخوض فيها احتراماً وإجلالاً للقضاء الذي نثق به ونعتبره الحصن الحصين للمحافظة على البقية الباقية من وحدة هذا الشعب وترابطه، كما أنه ملاذنا جميعا لإرساء العدل بين الجميع، فضلا عن إيماننا بأنه لا يجوز بأي حال التدخل في سير العدالة.. بعيداً عن كل هذا، دعونا نتساءل: هل تستحق الكويت منا كل هذا العبث؟
ماذا حدث منذ مرسوم الصوت الواحد إلى الآن؟
وما هو ميزان الأرباح والخسائر في هذا البلد، الذي يعيش على صفيح ساخن منذ نحو عقدين من الزمان؟!
والسؤال الأبرز والأهم والذي يحتاج إلى بحث ودراسة وفحص: من المستفيد الحقيقي من وراء كل ما يحدث من تخبط سياسي واقتصادي على مدى السنوات الماضية؟!
لقد ارتضينا النظام الديموقراطي، وفق دستورنا الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويحدد اختصاصات كل سلطة، وهذا الدستور واضح في مواده وأحكامه، بالإضافة إلى المواد التفسيرية التي تزيل أي لبس أو غموض، ورغم ذلك عشنا فترة عصيبة.. فترة وجدنا فيها الحكومة كلما ضاقت ذرعاً بمجلس الأمة الذي يمثل الشعب سارعت إلى رفع كتاب عدم التعاون، وكلما قال الشعب كلمته واختار نوابه، عادت الحكومة للأسلوب نفسه وكأنها تريد مجلساً منتخبا على هواها.. فهل هذا أمر مقبول في أي مكان بالعالم؟!
مررنا بفترة حالكة على كل الأصعدة، فسياسياً لا نجد في كل القواميس الديموقراطية بالعالم دولة مرت بعدة انتخابات برلمانية متتالية كما حدث عندنا في الكويت، واقتصاديا فقدنا بوصلة التنمية، وضاع صغار المستثمرين في دهاليز لعبة «الهوامير» سواء بحسابات البورصة، أو بمناقصات المشاريع.
أما اجتماعياً، فلم نشهد مثل هذه المرحلة المليئة بكل أصناف التجاوزات على القيم والأصول التي نشأنا عليها في الحوار بين الأطراف المختلفة، حتى أطلت الطائفية برأسها البغيض وبدأت تنشر سمومها المهلكة بين الجميع.
وبعد كل هذا التخبط وصلنا إلى الحكم المرتقب، والذي يتطلع إليه الكويتيون جميعاً، أملنا كبير أن يكون هذا الحكم منسجماً مع مبادئ النظام الديموقراطي الذي ارتضيناه والذي من أهم مبادئه أن السيادة للأمة مصدر السلطات جميعاً.
نأمل أن يفتح هذا الحكم التاريخي المجال أمام الكويت لتجاوز حالة الاحتقان السياسي التي تفاقمت منذ صدور مرسوم الصوت الواحد.
وأيا كان الحكم، فإنني أناشد كل الأطراف أن يضعوا الكويت نصب أعينهم، وأن يربأوا بها عن المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، فنحن جميعاً زائلون.. وسيبقى التاريخ شاهداً على ما قدمه كل منا.. ولا شك أن كلمة التاريخ لا ترحم.
لقد بتنا أمام فرصة شبه أخيرة لجميع الأطراف (حكومة وشعبا، سياسيين وناشطين، متابعين ومؤثرين)، فرصة للعودة إلى جادة الصواب كي نسير بوطننا الحبيب إلى بر الأمان. وإذا كنا لا نعلم ما يخفيه لنا المستقبل إذا استمرت حالة الاحتقان وارتفعت وتيرتها، فإننا ندرك أننا سنكون في هذه الحالة أمام نفق مظلم، وأزمة كبرى غير محمودة العواقب.. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
نبيلة مبارك العنجري
nalanjari@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق