حسن العيسى: لا تهشون ولا تنشون

استقيلا وتوكلا على الله، والمقصود هما الوزيران جمال شهاب ود. نايف الحجرف، فحسب “مانشيت” جريدة عالم اليوم، لو كان صحيحاً، أن الوزيرين أخبرا رئيس الوزراء بأنهما سيستقيلان من الوزارة إذا “رد قانونا الإعدام وجامعة جابر!”.
وزير العدل والأوقاف (وسأقصر المقال عليه) يقول إنه لا يعلم بصحة رد القانونين إلا عبر الجرائد (ولي أن أعلق انها عادة حكومية متأصلة بتسريب الأخبار لبعض الجرائد لجس نبض الشارع السياسي المغبر الخانق كطقسنا قبل تأكيد الخبر أو
نفيه)، ويضيف جمال شهاب أنه تعهد للمجلس وللناس بعدم رد قانون الإعدام، وكأن جز رقبة بني آدم لكلام سفيه ما بالإساءة للرسول يستحق غيرة وبطولة هذا الوزير الإنساني… وان بقاءه سيكون محرجاً نحو المجلس والناس…! وخير يا طير، عساك بهذه الحالة وأزيد، فمن سيكترث بحرج الوزير شهاب أو أي وزير آخر طالما أن سمو الأمير يستعمل سلطاته الدستورية، ومن سلطته إعادة النظر في مشروعات القوانين حسب المادتين ٦٥ و٦٦، فهل يريد الوزير شهاب تحديداً مصادرة سلطة الأمير حسب الدستور كي لا يقع في حرج أمام المجلس…!
حتى لو لم يصح خبر الرد ولم يصح قبله خبر التهديد بالاستقالة من الوزير جمال، يبقى أن مجرد بصم الوزير شهاب على قانون الإعدام، بعد أن عارضه بعقل متفتح في البداية ثم تردد، ثم خضع وقبل (وهذه أيضاً عادة متأصلة لها سوابق تاريخية في السياسة الكويتية) بحجة التعاون، يعد وصمة في جبين مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ العدالة، وكان الأولى بجمال -الذي كان يحتفي في العاشر من ديسمبر بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بغرفة المحامين حين كان محامياً- أن يتمسك بمبادئه ويستقيل حين وافقت الأغلبية على مشروع القانون وباركته الحكومة.
فهو يعلم أن قانون الإعدام ينطوي على نوايا سياسية طائفية ويخترق أبسط مبدأ في القوانين الجزائية بأن تتناسب العقوبة مع الجريمة، ويظهر أن وزير العدل نسي العدل في هذه المسألة… ليستقل معالي الوزير، فاستقالته أو بقاؤه في الوزارة لن يحرك ساكناً في مستنقع سياسة السير على البركة الكويتية.
توقعت من جمال أن يصرح بنوايا الوزارة لتعديل ميزان العدل، وهو يعلم أكثر من غيره بالحالة المزرية التي يعانيها القضاة والمتقاضون، كان لنا أمل أن يصبح شهاب الصوت القوي في الوزارة من أجل العمل والدفع نحو قانون استقلال القضاء وتفعيل مواد التفتيش القضائي، وأن يخبرنا برأيه في مشاريع تدور وجوداً وعدماً مع قضية العدل وحقوق الإنسان مثل تعديل اختصاصات المحكمة الدستورية، أو اقتراح قانون الصقر بالدعوى المباشرة بعدم دستورية القوانين ورد مجلس القضاء عليه… وغير ذلك من قضايا إدارية كإعلان صحف الدعاوى والأحكام الجزائية التي تصدر غيابياً ثم يفاجأ المحكوم عليه بتجميد معاملاته في مؤسسات الدولة، بسبب حكم صدر ضده ولم يعلن به، وغير ذلك من هموم العدالة كالتأخر في طباعة الأحكام الابتدائية، مما يقلص من حق المحكوم عليه في الطعن عليها أمام الاستئناف أو التمييز… وغير ذلك من شوائب كثيرة كان من المفروض أن ينبشها الوزير شهاب، فحكم العدل والقانون يجب أن يكونا لهما أولوية قبل اعتبارات السياسة، فهل كان الوزير يحتسب أمر العدل أم أمر السياسة حين صوت مع قانون الإعدام؟، ولم يقدم استقالته بداية احتجاجاً على ذلك الطغيان المجلسي؟، قدم استقالتك أيها الصديق، فحالك من حال غيرك من وزراء قبلك ومن سيأتي بعدك… أنتم موظفون كبار… لا تهشون ولا تنشون.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.