مع أنني أضع أحياناً ألف مليون خط تحت مصطلح “الفساد” ككلمة لافتة, وأحياناً ذات وجهين, وبخاصة عندما تطلقها أفواه بعض المؤزمين, ولكنني رغم ذلك اعتبر ان المشاركة الايجابية في الانتخابات المقبلة ستؤدي إلى مكافحة الفساد. فإذا كان الشعار المتكرر في بعض خطابات المقاطعة هو نيتهم مكافحة ما يصنفونه فساداً, فالمنطق, والعقلانية, والتفكير السياسي الصحيح من المفترض أن تشجع بعض المقاطعين على المشاركة الفعالة وليس الاستمرار في العناد. فالمشاركة في الانتخابات المقبلة فرصة تاريخية لن تتكرر. فلم تعد الشعارات الرنانة والضجيج الشعبوي المصطنع تؤثر بشكل ملموس في حياتنا اليومية. فمن جهة,الناس العاديين يرغبون فعلاً في رؤية مزيد من الإصلاح يتحقق على أرض الواقع ليس عن طريق عقد الندوات السياسية خارج أسوار مجلس الأمة, ولكن عن طريق المشاركة الايجابية والفعالة في الحياة الديمقراطية المحلية. ومن جهة أخرى, عندما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع خلال الستين يوما المقبلة, فكثير منهم سيصوت لاختيار النواب الذين سيمثلونهم في قاعة عبدالله السالم وليس لإختيار من سيكون الرئيس القادم لمجلس الأمة!
إضافة إلى ذلك, لم يعد هناك مجال في عالمنا المعاصر والديمقراطي لإهمال ما يفكر به, وما يرغب به رجل الشارع, فعالم اليوم ليس في زمن الزعامات الديمقراطية الكاريزماتية, ولا يمكن أن تختزل التجربة الديمقراطية الوطنية في أشخاص معينين فقط. فالكل وفق وجهة النظر الديمقراطية الصحيحة زعيم نفسه, يشارك ويصوت في الانتخابات وفق قناعته الذاتية. فالمشاركة في الانتخابات لا تزال وستستمر مشاركة فردية وطوعية من قبل المواطنين الصالحين للمساهمة في تطوير بيئتهم المحلية وليس بهدف إضافة هالة أخرى على رؤوس من لا يزالون يظنون أنهم زعماء ديمقراطيون تاريخيون! فعالم اليوم هو عالم المواطن المستقل والفرد الحر, وليس عالماً يصلح فيه بعد الآن التطبيل لأشخاص عاديين بذاتهم, فالجميع سواسية في الديمقراطية. فالمواطنون متساوون في الحقوق وفي الواجبات الديمقراطية. والمواطن الحق الذي سيشارك في الانتخابات المقبلة يرغب في تكريس ثوابتنا الوطنية, ولا أعتقد أنه سيقلق كثيراً حول من سيصبح لاحقاً رئيساً لمجلس الأمة, فكل الناخبين لهم الحق في الوصول إلى ذلك المنصب عبر الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها. فالمواطن الحق سيصوت لاختيار أعضاء مجلس الأمة وليس لإنتخاب رئيس مجلس الأمة, فكل مواطن ناخب وعضو في مجلس الأمة له الحق في أن يترشح ليصبح رئيساً لمجلس الأمة !
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق