حضرت عن طريق المصادفة أمسية ثقافية تجمع عددا من شعراء الفصحى و«الأدباء» والكتاب المهتمين بالأدب، اللقاء كما رأيته كان عبارة عن استعراض «عضلات ثقافية»، وجزء منه كان مجرد «تنظير فارغ»، وحديثا لم أفهم من مجمله سوى أن «هناك إشكالية وصول الناقد إلى تأويل ما لم يكن في ذهن المؤلف» وهي جملة لم أفهمها ولا أعتقد أن عدم فهمي لها سينقصني أو ينقصكم شيئا.
لم أعترض على تنظيرهم ولا استعراضاتهم، فهذا مجالهم وهذه «شعابهم» وهم أدرى بشعابهم، وفي النهاية هذا شأنهم وليس شأني، ولكن الغريب في الأمر ان الحديث عندما اتجه بهم إلى تناول الوضع السياسي المحلي بعد حكم المحكمة الدستورية، تبين لي ان ثقافتهم السياسية صفر، بل ان فهمهم للسياسة المحلية صفران كبيران و«دويحه» في شهاداتهم الثقافية، وحتى في قراءتهم لواقع الشارع الكويتي اتضح أنهم أميون، لا يفقهون من أمر واقعهم ولا واقع بلدهم شيئا، وتمنيت لو أنهم بقوا يتحدثون عن قصيدة أحدهم العصماء التي لم يسمعها سوى 10 أشخاص ولم يفهمها حتما سوى 3 منهم.
المصادفة تلك قادتني إلى حقيقة مرة، وهي ان المثقفين، أو بالأصح، بعضا من المتصدرين للمشهد الثقافي، منعزلون تماما عن الواقع، بل منسلخون عنه، لا يعرفون حقيقة ما يحدث في البلد ولا يملكون حتى أدنى فهم للخطوط السياسية العريضة، وهذا بسبب انعزالهم أصلا عن المجتمع وهمومه، وهو ما يؤكد حقيقة أنهم وإن تصدروا المشهد الثقافي إلا أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم، ولا يمثلون المشهد الثقافي الكويتي، وبسبب انعزالهم عن المجتمع وهمومه، قام المجتمع بعزلهم من ذاكرته اليومية فلا قصائده تعني المجتمع شيئا ولا رواياتهم ولا قصصهم ولا أطروحاتهم النقدية.
وهذا سبب رئيسي لان أحدا لم يعد يقرأ لهم، وأمسياتهم الشعرية أو الثقافية لا يحضرها سوى 15 نفرا بمن فيهم 3 صحافيين حضروا للتغطية و3 مصورين وعامل الشاي وحامل المايكرفون.
من اغرب ما ذكره أحد حضور الأمسية في معرض تحليله للواقع السياسي بعد حكم المحكمة الدستورية أن هذا جزء من مؤامرة غربية شاملة ضد المنطقة، «شكو؟؟»، «لا جد جد شكو؟؟»
> > >
توضيح الواضح: المثقف الحقيقي هو من ينطلق من رحم المجتمع، أما من يتخذ المشهد الثقافي صهوة للوصول إلى شيء ما فهو ليس بمثقف، والدليل أن أغلب مثقفينا نعرف أسماءهم ونرى صورهم في الصحف، ولكننا لا نعرف أيا من انتاجاتهم «الأدبية»، باختصار لدينا مصانع ثقافية ولكنها… لا تنتج شيئا.
Waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق