محمد العبدالجادر: ثقافة الاختلاف

في أحد المجمعات الواسعة والمكيفة، وهي إحدى النعم القليلة التي ننعم بها في بلادنا الحارة والساخنة، وعلى أحد المقاهي، وبدعوة من الأصدقاء لتناول الشاي والقهوة والنقاش في بعض القضايا الخاصة هذه الأيام، وتزامن مع وصولي إلى المكان انضمام اخوة لنا مختلفين في الطرح والرؤى والفكر ومن توجهات مختلفة، وعلى «مقولة» أحد الحضور «لو كنا نريد هذا الاجتماع بهالعدد والطريقة لن يتم».

ودار حوار راق بلا تشنج، وكان المكان عاماً، بحيث يستغربه من رأى التجمع والتنوع والشخوص، ورغم علامات الغرابة والاستغراب جاء في بالي: لماذا أصبحنا في الكويت وفي دواويننا ومجالسنا ننبذ ثقافة الاختلاف، وأصبحت لدينا مواقف مسبقة، وأصبحنا لا نطيق الاختلاف، وبدلا من ان تسهم المسيرة الديموقراطية التي تجاوز عمرها الخمسين عاماً مع تاريخ طويل عمره ثلاثمائة عام من السلام الداخلي والتعايش بين المهاجرين وأهل البحر والبر بطوائفهم أمسينا من الهشاشة بمكان، بحيث جاءت ثقافة التهميش والإلغاء وعدم احترام المختلف، وهل المطلوب اليوم ان نصمت وان نستمع فقط لذواتنا؟ هل المطلوب ان نسمع للصاخبين وأصحاب الصوت الأعلى الذين لا يسمعون سوى ذواتهم؟ ثقافة الاختلاف هي نعمة في كل المجالات. في كل دول العالم التي انتشرت فيها ثقافة الاقصاء والكراهية والتطرف كان الانحدار وعدم الاستقرار، وكل دول العالم التي عززت ثقافة الاختلاف ظهر فيها غاندي ومانديلا ومهاتير محمد، وفي الدول التي سيطر فيها الاقصاء والصوت العالي ظهر هتلر وستالين وصدام حسين، وشتان ما بين مخرجات الثقافتين، فهل سنمضي في ثقافة احترام الاختلاف أم ينجح المتطرفون والاقصائيون بثقافتهم وسماع صوتهم فقط؟

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.