أعتقد أن التركيز على أهداف هامشية سيهدر الوقت والجهد الثمينين والتي من المفروض إستخدامها لتنفيذ أولويات متفق عليها من قبل أغلبية المواطنين الكويتيين. فالإستجوابات المزمع تقديمها من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة الأفاضل سواء حول “الداو كيميكال” أو “رد القوانين” لايبدو ان لها علاقة مباشرة في رفع مستوى الأداء الوظيفي وبخاصة في ما يتعلق بهدر الموارد المالية للدولة والتأثير المباشر لزيادات الرواتب على الميزانية العامة. وكل هذا يحدث في ظل وجود شبه غياب لإنتاجية مناسبة في القطاع العام. فجزء كبير من ميزانية الدولة يصب في الرواتب ويتجه بشكل رئيسي نحو الوظائف الإدارية والتي لا يبدو انها تتطلب مهارات فنية أو تقنية ستؤدي إلى تطوير الإنتاجية العامة للدولة. فالمفهوم المعاصر حول تطوير الخدمات العامة وتحسين الأداء الوظيفي وزيادة مستويات الإنتاجية العامة للدول يتركز حول تطبيق مبدأ: أقل تكلفة وأقصر وقتاً! ومن هذا المنطلق, حري ببعض أعضاء مجلس الأمة وبخاصة المتنورين منهم والذين ينوي بعضهم تقديم إستجوابات للحكومة لمناقشة قضية “هدر الموارد المالية للدولة” والحفاظ على ما تبقى من ميزانية.
على سبيل المثال, ما نقصده بالتركيز على تكريس “الإنتاجية” في القطاع الحكومي يشير إلى تلك الإجراءات والترتيبات والتنظيم العملي والإستخدام الأفضل للوقت والمرتبط بتحسين الأداء الوظيفي. ولقد طالبت شخصياً بعض أعضاء مجلس الأمة تقديم “إقتراح بقانون يكرس مفاهيم ومبادئ “الإنتاجية الوظيفية” “Productivity” وبخاصة في القطاع العام” (إنظر “السياسة” 29-2-2012). ويحق لنا الآن سؤال بعض أعضاء مجلس الأمة وبخاصة اولئك الذين يبدو أنهم يركزون في طروحاتهم السياسية على قضايا جدلية منها على سبيل المثال “زيادة الرواتب” مع عدم وجود تركيز مستحق على ما يقابلها من عمل وإنتاج حقيقيين. فما هي المسوغات أو الدلائل حول تطابق أهداف بعض الإستجوابات الشخصانية وعلاقتها بتطوير إقتصادنا المحلي أو تشجيع الشباب الكويتي للإتجاه للعمل في القطاع الخاص? فهذا النوع من الأولويات الوطنية (حسن إستخدام الموارد المالية للدولة- زيادة الإنتاجية- تحسين الأداء الوظيفي) يتفق على مشروعيتها وضروريتها أغلبية كبيرة من الشعب الكويتي الذين يرغبون في رؤية إقتصادهم الوطني وإدارتهم الحكومية المعاصرة تتطور وفق نظم عصرية- كما يحدث في دول لا تملك حتى نصف مقوماتنا الثقافية والتعليمية والمالية!
أعتقد أن تكرار الإستجوابات والتركيز فقط على قضايا جدلية لا تعالج تحدياتنا المستقبلية مثل “هدر الميزانية” من دون التركيز على أهمية تكريس العمل الجاد والإنتاجية ربما يضيع الوقت ويهدر الجهد والأموال العامة. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق