لخص المشهد الذي أقفلت عليه جلسة أمس حالة الأغلبية وما تعانيه بعض أطيافها من عزلة، إضافة إلى حجم الصراع الدائر داخلها وطبيعته.
يوم أمس صعّد النائب مسلم البراك موقفه حيال رئيس الجلسة فيصل اليحيى، بعد قراره رفع الجلسة إثر إصرار نواب “الشعبي” التصويت على مقترح قدموه للنظر في تجاوزات بنك التسليف، وبعد قرار اليحيى رفع الجلسة علق النائب فيصل المسلم بأنه قرار سليم، ثارت ثائرة البراك الذي اعتبر اليحيى غير قادر على مواجهة “مراكز النفوذ” ولذلك رفع الجلسة، فعقّب عليه المسلم عاتباً “ما يجوز هالكلام يا مسلّم”.
ولا يمكن تجاوز حالة الانقسام التي شقت نواب الأغلبية حينما ظهر حكم تعويض الـ”داوكميكال”، إذ لم يتخذ النواب على مدى أسبوعين أي إجراء برلماني تجاه القضية، وكشفت تصريحات النواب جمعان الحربش وعبيد الوسمي وعبداللطيف العميري والصيفي الصيفي حول تشكيل لجنة تحقيق بقضية “الداو”، وجود انقسام بالرأي، إذ أكد الحربش أن القرار اتخذ خلال اجتماع الأغلبية فنفى الوسمي ذلك وأيده الصيفي وعارضه العميري، والسؤال المطروح: إذا كان كل هذا يحدث على الملأ وأمام الجمهور، فما شكل النقاش الذي يحدث خلف الأبواب المغلقة؟ وإذا كانت الأغلبية تعاني هذا الانقسام على قضايا استراتيجية، فكيف تصر على تسويق نفسها على أنها كتلة أغلبية منسجمة؟
المعلومات المتاحة حتى الآن أن خلافاً عنيفاً بين الفرق المؤلفة للأغلبية حول مسألة الـ”داوكميكال”، وبالتحديد بين كتلتي “الإصلاح” و”الشعبي”، وهذا الخلاف أدى إلى فقدان السيطرة على احتوائه داخل إطار كتلة الأغلبية، فتم تشكيل لجنة تنسيقية لوضع آلية تشكيل لجنة تحقيق بقضية “الداو”، ضمت رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون ورئيس اللجنة التنسيقية لكتلة الأغلبية جمعان الحربش إلى جانب النواب عبدالرحمن العنجري وعبيد الوسمي وفيصل اليحيى، وهذه اللجنة لم تصل إلى أي نتيجة حتى الآن، يضاف إلى ذلك فتح الأغلبية المجال أمام نواب الأقلية للمشاركة بلجنة التحقيق بهدف تخفيف الضغط الشعبي عليهم نظرا لدور مجلس الأمة بإلغاء الصفقة وتغريم الكويت 2.16 مليار دولار.
وربما من المناسب هنا التذكير بأن تشكيل لجنتي التحقيق بـ”الإيداعات” و”التحويلات” لم ينل هذا الزخم، ولا حتى الـ25 طلب تشكيل لجنة تحقيق التي وافق عليها المجلس على مدى ثلاثة أشهر، وهو ما يبين حجم الانقسام بين أكبر فريقين يشكلان كتلة الأغلبية، ما دفع كتلة الأغلبية لتشكيل لجنة تنسيقية من 5 نواب هدفها فقط وضع مسودة طلب تشكيل لجنة تحقيق بصفقة الـ”داوكميكال”.
نقطة الخلاف بين “الشعبي” ككتلة وجناح “حدس” تحديدا داخل كتلة التنمية، مردّه صلاحيات التحقيق وشخوص المتهمين، فـ”الشعبي” تريد تركيز التحقيق مع القيادات النفطية والاطلاع على حساباتهم البنكية وحسابات أقاربهم للبحث عن عمولات تلقوها لتمرير الصفقة، إلى جانب محاسبة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد (رغم أن كتلة العمل الشعبي أشادت بقراره إلغاء الصفقة عام 2009 باعتباره حافظ على المال العام)، بينما تريد “حدس” أن يشمل التحقيق النواب الذين ساهموا في تضليل الشارع وقدموا معلومات مغلوطة شحنت الشارع وخلقت ضغطاً سياسياً دفع رئيس الوزراء السابق لإلغاء الصفقة على حساب الرأي الفني الذي كان يدعمه وزير النفط وقتها محمد العليم، ولم يتضح حتى الآن كيف سيتم تجاوز هذه الإشكالية سواء بفتح الحسابات البنكية للقياديين أو مثول النواب كمتهمين أمام لجنة التحقيق البرلمانية؟ وما المنطقة الوسطى التي سيتفق عليها الطرفان، فكلاهما يريد تجيير التحقيق لمصلحة موقفه في ديسمبر 2008، حينما كانت “حدس” تدعم الصفقة و”الشعبي” تعمل على إسقاطها؟
وعودة إلى جلسة أمس، كان لافتاً أثناء التصويت على تأجيل مناقشة استجواب وزير الشؤون المقدم من الصيفي الصيفي تضارب تصويت نواب كتلة الأغلبية حول نفس الموضوع، فكل نائب صوّت بحسب رأي الفريق الذي ينتمي إليه، وهو ما بين أن النواب لا يعون ما يصوتون عليه، فقد اكتشفوا أنهم أجلوا استجواب الصيفي على استجواب العدساني ثم عرضوا على الوزير دمج الاستجوابين ثم طلبوا منه أن يناقش الاستجوابين بجلسة واحدة، أي أنهم خلال ساعة واحدة اتخذوا ثلاثة قرارات متضاربة حول نفس المسألة (التأجيل والدمج ثم المناقشة بجلسة واحدة).
أما مسألة توجهات التصويت على طلبات رفع الحصانة عن النواب مسلم البراك وعبيد الوسمي ونبيل الفضل فتؤكد عمق الأزمة والشخصانية داخل كتلة الأغلبية.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق