نظرا ما عرف عن النائب مسلم البراك من جبروت وقسوة قلب تجعله لا يرأف ولا يرق ولا يلين, إلا أنني في هذا المجلس بالذات, أتعاطف مع العزيز “بوحمود” لدرجة الإشفاق عليه. فحال “بوحمود” في هذا المجلس, تذكرني بحال الموظف المتمرد الذي لا يعجبه أحد في موقع عمله, فيشغل الجميع – الإدارة والموظفين – بتذمره وشكاواه وتظلماته. ثم وبعد فترة, تقرر الإدارة وضع حد لإزعاج هذا الموظف بوسيلة مبتكرة. فبدلا من معاقبته, تتم ترقيته وتكليفه بالإشراف على أحد الأقسام وتوفير جميع متطلباته. بعد أسابيع من الهدوء, وجد الموظف نفسه متورطا بمنصبه الجديد, فحياته وتكوينه الشخصي, كان قائما على الصياح والنواح والتذمر والشكوى, واليوم هو لا يستطيع الاعتراض على شيء, فكل أموره ميسرة, وجميع رغباته مستجابة, “تدرون شنو سوى الموظف? طلع تقاعد طبي!”
وجه الشبه ما بين “بوحمود” والموظف المتمرد, يكاد يكون متطابقا, فمن الناحية السلوكية, البراك لم يتحرر بعد من شخصية النقابي. ومن الناحية السياسية, كانت أمجاد البراك في عزها حين كانت المعارضة أقلية لا تلوي على شيء. وكان البراك المسكين يحاول… ويحاول… ويحاول, ولكن كل محاولاته تصطدم بخط دفاعي صلب من الحكومة والموالين لها, فتعاطف الكثيرون معه وأيدوه لأنه ظهر لهم بصورة المظلوم غير القادر على فعل شيء. في هذا المجلس, اختلفت الحال, فالمعارضة صارت أغلبية, وتم ترقية البراك زعيما عليها. فتورط البطل, إذ لم يعد “بوحمود” قادرا على استدرار العطف وادعاء المظلومية, فكل شيء ميسر له, رئيس مجلس تحت أمره, نواب ممسوحة شخصيتهم لا يقولون “لأ”, حكومة تداريه وتجبر خاطره… طيب, أين إنجازاته? الجواب: ما يقدر, لأنه لا يستطيع الخروج من قالبه المعتاد!
فضلا عن أن البراك تضرر كثيرا من وجود بعبع اسمه عبيد الوسمي, فهناك جوانب أخرى تبين أن هذا المجلس ليس مجلسه. وأهمها “الداو”, فالحكم بتعويض الشركة, جاء قاصما له, وجعله لا يعرف كيف يداري وجهه من أتباعه, وخطورة “الداو” أنها قضية سهلة وليست معقدة, وهو ما جعل أتباعه يلتقطون تفاصيلها ويفهمونها, والأخطر من ذلك, أنها فتحت أعينهم على قضايا أخرى, “هبهب” فيها البراك وادعى بنفس ما ادعى به على “الداو”, وأعني هنا صفقة طائرات “الكويتية”, وأظن, أن هذه الصفقة الملغاة هي ما ستحرق ما تبقى من رصيده متى فهم أتباعه تفاصيلها, فالأتباع وإن كانوا يعشقون البراك, إلا أن عشقهم للكويت أكثر وأكبر… أتعاطف مع “بوحمود”, لأن هذا المجلس سيشهد بداية انحسار صيته ونجوميته, ولا استبعد دفعه للحل, حتى تعود المعارضة أقلية, ويعود هو كما كان!
***
بعث لي الزميل العزيز الكاتب في صحيفة “الجريدة” أحمد عيسى, رابطا إلكترونيا لموقع “هنا الكويت” www.hunakwt.com منشورة فيه مضبطة جلسة مجلس الأمة بتاريخ 27 يناير .2009 بعد قراءتي للمضبطة, اكتشفت أنها تمثل انعكاسا لسلسلة المقالات التي كتبتها خلال الأيام الثلاثة الماضية. فالمضبطة تكشف “خمال” بعض قياديي النفط, وتبين بجلاء صراع المصالح التاريخي بين “حدس والشعبي”… سأطرق هذا الموضوع لاحقا, وإلى أن يتم ذلك, أدعوكم لزيارة الموقع والاستئناس بقراءة المضبطة خلال ال¯.” week end”
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق