اتفهم ان يقول الانسان شيئا وهو مقتنع فيه ويمارسه ويدافع عنه ويحاول ان يروج له. فبغض النظر عن صحة او خطأ هذا الشيء، هذا الامر يعد مقبولا ومعقولا. لكن ان تعيش وتقتنع وتمارس شيئا، ثم تأتي وتنتقد وتعيب على غيرك الممارسات نفسها، فهذا عيب وقلة أدب.
مثلا عندما تعيش في ظل نظام ديكتاتوري وتستخدم العنف والشدة والقسوة ضد الأبرياء والمستضعفين من ابناء شعبك بذريعة امن وسلامة ووحدة الوطن، فهذا بالتأكيد يجوز ويحق لك. لكن ان تؤيد وتمارس هذا العنف، ثم تذهب الى اجتماعات العرب بخصوص سورية وتندد بالسلطة والنظام السوري وتقول بأنه نظام ديكتاتوري لا يحترم شعبه، فصاحب كهذا نسميه «بيعاري».
مثلا وقتما تعيش حياة الخوف وعدم الانتقاد وتحت الساس، فعيش الجبناء والفئران هذا من حقك ولك ان تدافع عنه. لكن تعيش حياة الخرفان وتنتقد اللبنانيين الذين حرروا اراضيهم من عدو سرق العرب اعراضهم واموالهم وعقاراتهم عين النهار وهم مجتمعون بجيش واحد، تنتقد رجالا قهروا ولمدة 33 يوما الجيش الذي لا يقهر، الجيش الذي عجز عن مواجهته العرب بستة ايام، فهذا موقف «الخونة»! الله يرحمك يا عبدالناصر! اما ان تنتقد نصرالله ومن باب اولى تنتقد عبدالناصر ومن بعده الشلة التي سالمت وساومت و«سلّمت»، او تمدح عبدالناصر ومن باب اولى تمدح زعيم الثوار! فهذا الموقف نسميه «نفاق».
مثلا عندما تكون من «التكتل الشعبي» وتندد بمشروع الداو، وتقول بأنه مشروع سرقة الكويت ويجب ان يتوقف والا سنحاسب رئيس الوزراء. هذا الكلام سواء صح أم خطأ، لك ان تقتنع فيه وتدافع عنه. لكن ان تقول خطأ، ثم تتهرب من المناظرة مع المتخصصين في البترول فيسمى هذا «بالهروب الكبير» ويبيلها «رجاجيل».
مثلا حينما تريد ان تقتص من ابناء وطنك بشتى الصور. تريد استبعادهم، اقصاءهم، تريد ان تشرع باعدام كل مسيء بحسب وجهة نظرك ولا تحترم وجهة نظر غيرك. تعيش الوطن كأنك الوحيد، تتصرف بلا احترام ولا خجل لعقيدة ومذهب اخيك المواطن. هذا من حقك بل ولك ان تدافع عن فكرك هذا. لكن ان تمارس كل هذا ومن ثم تنادي وتقول: «اليس فيكم رجل رشيد»؟!!!
مثلا عندما تهدد رئيس الوزراء لأنه رشى النواب. تقف متحديا وتتصدى وتصرخ وتقول القبيضة، والراشي والمرتشي، هذا حقك ولك ان تقتنع فيه. لكن ان تفضح وتحاسب وتُصعّد الرئيس المنصة لأنه دفع شيكا لنواب سابقين، ثم تقبض بالخفاء شيكا وانت نائب حالي؟!!!
د. حسن عبدالله عباس
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق