“سُدُّوا حلوجهم”!

صالح الغنام
خارج النص
حتى لو أقسم جميع مشايخ الإنس وملوك الجان بأغلظ الأيمان, على ألا علاقة للنواب المؤزمين بالإضرابات التي تشهدها البلاد حاليا وستتبعها إضرابات عدة في قادم الأيام, لما وجدوا عاقلا يصدقهم. المسألة كما وضوح الشمس ولا تحتاج تفسيرا, فالمؤزمون الذين يتصدرهم “الشعبي” كواجهة, ويديرهم “الإخوان” من خلف الكواليس, باتوا في حل من اتفاقهم مع السلطة بعد أن حققت لهم جميع مطالبهم, وكان آخرها رئاسة المجلس, واليوم, أو هذه الأيام, وبمجرد إقرار زيادة الرواتب والكوادر, ستجدونهم يعودون سيرتهم الأولى في التأزيم وتحريك الشارع ورفع سقف المطالبات إلى أن يصلوا إلى هدفهم المزدوج الدفين, المتمثل في “حكومة شعبية” و”ملكية دستورية”.
على سمو الرئيس أن يعي هذا جيدا, وعليه أن ينتبه لنصائح مستشاريه, فهم لتواضع إمكاناتهم, أو ربما لفرط ثقتهم بأنفسهم, أوحوا لسموه أن “الشعبي” و”الإخوانجية” ومعهم بعض “دلاديل” الأغلبية سينشغلون بتنمية البلد, ودليلهم على هذا الاجتماعات الدورية التي تعقدها كتلة الأغلبية للتنسيق بشأن الأولويات التي سيطرحونها في مجلس الأمة, وهذا كله زيف وخداع وذر للرماد في العيون, وقد كشف عنه ما جرى في الجلسة الأخيرة, من تناقض الآراء بشأن المدينة الطبية, ومن ثم رفضهم مشروع قانون الخطة السنوية الثانية, وتعمدهم إفقاد الجلسة النصاب, بعدما تعهدوا بعدم رفع الجلسة إلا بعد إقرار خطة التنمية وإنشاء صندوق لدعم الطلبة وأكاديمية جابر للعلوم التطبيقية وتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار.
من يتفرس في تلك الوجوه “الودرة” يعلم بأنهم ليسوا “خرْج” تنمية ولا هم حولها, وهم “فالحون” فقط في الاستجوابات والتصعيد ولجان التحقيق وكل ما يأتي بتأزيم. لذلك نجدهم استعجلوا بتحريك أدواتهم في النقابات, وهنا يحق لنا التساؤل عن سر التحرك المفاجئ للنقابات في وقت واحد وجنوحها جميعا الى التصعيد بأقصى حد. فما الذي استجد? ولماذا أوقفت النقابات تحركها بعد تعهدات السعدون للسلطة بالتهدئة رغم إنها وقتذاك – لم تحصل على أي من حقوقها? ولماذا تلجأ النقابات الى الإضرابات الآن, وقد شارفت الدولة على إقرار الكوادر والبدلات والزيادات المالية? فإن لم تعجبهم الزيادات, بإمكان النقابات التفاوض مع الدولة بالتي هي أحسن, وبدعم من “معازيبهم” النواب فيأخذون ما يستحقونه وأكثر.
هذه التساؤلات نرمي بها بأحضان كل الطيبين وحَسَني الظن!
على أي حال, لو كنت في موقع المسؤولية, لسارعت الى “سد حلوج” رجال الجمارك وإقرار الزيادات المجزية لهم, فبالإضافة الى مخاطر مهنتهم, فهم يتعرضون لمغريات عظيمة تضعف النفس وتفتنها, وبإمكان أصغرهم سنا وشأنا أن يثرى في غضون عامين لو وقع أسيرا لوسوسة الشيطان أو الظروف القاهرة, لذلك أنا مع سرعة منحهم الزيادات المجزية, وإلى أن يتم ذلك, فللدولة هيبة ينبغي ألا تتنازل عنها كما في كل مرة, فرجال الجمارك موظفون في الأول والآخر, وهم في إضرابهم يمتنعون عن تفتيش الحاويات وسيارات نقل البضائع, ولكنهم لا يمتلكون حق منعها من دخول البلاد, لذا, كنا نتوقع من حكومتنا أن تنبذ الضعف جانبا, وتتصرف بحزم ومسؤولية, فتستعين بمن هو قادر على اداء هذه المهمة, سواء من داخل الكويت أو خارجها, ففي هذا حفظ لهيبة الدولة, وفيه أيضا تأمين الغذاء للناس ومنع ارتفاع الأسعار… “لكن من تحاكي وأنا أخوك”?
salehpen@hotmail..com
صالح الغنام
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.