علي اشكناني: بينوكيو

هو ليس رقما عاديا يشير إلى أسعار عادية كما تفعل معظم المؤشرات, هو مؤشر بالإضافة إلى السعر يتحكم بنبضات شعب كامل هل سترتفع أم تنخفض؟ يشير إلى حال مستقبلنا هل سيكون مشرقا كماضينا أم أسود كحاضرنا، نعم يا كرام هو سعر برميل البترول الذي كلما هوى هوت قلوبنا ونكّسنا رؤوسنا معه، وكلما ارتفعنا نظرنا إلى الأعلى ونسينا الواقع حتى تنكسر رقابنا. ليست لي مصالح تجارية في أسواق النفط للأسف، وليس لي مصلحة بالشرط الجزائي لشركة الداو أو علاقة بأي شركة بتروكيماويات أو غيره, إلا أن مصلحتي الوحيدة هي تعلق وطني بسعر برميل البترول الذي إن ارتفع سارع نوابه بإقرار حزمة الكوادر والزيادات كأنهم يظنون أن أسعار البترول كما أسعار عقارات الكويت «تصعد ما تطيح»، فحتى إذا نزل السعر فكأنه الساطور ينزل على رؤوسنا وعلى رؤوس أبناء هذا الوطن من الأجيال القادمة. في كتاب «الكويت: الرأي الآخر» لكاتبه عبدالله النفيسي, يتحدث الكاتب عن المأزق الاقتصادي للكويت، وكيف أن جانبا كبيرا من المأزق الاقتصادي هو بسبب الاعتماد الكلي على النفط، وأن الحكومة يجب أن تبحث عن مصادر أخرى ومتنوعة للدخل, المبكي والمضحك في الموضوع أن هذا الكتاب صدر في لندن سنة «1978» قبل أكثر من 30 عاما، أي أن البلد من أكثر من ربع قرن وهو يدور حول نفسه. أظهرت التقارير التي نشرتها الصحف أن دولة الكويت أكثر دولة في العالم أجمع يعتمد دخلها القومي على الذهب الأسود بنسبة %95، وإلى الآن المجلس مشغول بمناقشة قانون إعدام المسيء، والوزراء ما بين الاستقالة والبقاء بسبب رد هذا القانون, والوزير المويزري يعتقد أنه في أحد أفلام الجاسوس البريطاني الأشهر «جيمس بوند» ويهدد بمراقبة الهواتف لمعرفة من أين عرفت الصحف بسواد وزارته. كثرت الجلسات الخاصة في المجلس، فجلسة لسورية وجلسة بسبب إساءات بعض الحمقى للرموز الدينية، واقتراح حول «الجواخير»، ونائب يتحدث عن قطعة قماش مفقودة لفنانة ظهرت بأحد الأفلام بإحدى الاحتفاليات… «من صجكم»؟ لو كان سياسيونا الأشاوس مثل الشخصية الكرتونية «بينوكيو» الذي كلما كذب طال أنفه, لما احتجنا إلى بناء جسر الصبية ولا الجسر الذي يربط مدينة الكويت بـ«فيلجا»، والذي كنا نسمع عنه ونحن صغار، فأنوفهم من كثرة كذبهم كانت ستفي بالغرض. كررت في المقالات السابقة مقولة «ارحمونا يرحمكم الله»، لأنني لا أرى أحدا يريد أن يريح ويرحم الكويت وشعبها، ويبدو أنها ستكرر كثيرا فما في القلب أكبر من أن يكتب, وصراخنا لم يستطع أن يجاري الألم الذي يعتصر قلوبنا، فارحمونا يرحمكم الله.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.