بداية، تحية شكر وتقدير لكل من أشرف وساهم في الحملة الأمنية التي قامت بها وزارة الداخلية قبل أيام، التي أسفرت عن ضبط 1550 شخصاً بين مخالف لقانون الإقامة وهارب من أحكام قضائية صدرت بحقه ومشتبه به في جرائم سرقات ودعارة وخمور ومخدرات وسرقة المكالمات العامة وأغذية فاسدة وغيرها..!
ما أريد التركيز عليه هنا هو عددهم، 1550 خلال خمس ساعات فقط! يعني بالمعدل 310 أشخاص كل ساعة! أي أنه لو قُدّر لهذه الحملة أن تستمر 24 ساعة فقط، لكانت الحصيلة أكثر من 7000 مجرم – أو مشروع مجرم – يتسكع في طرقاتنا، ومستعد في أي لحظة للانقضاض على فريسة أو الفتك بضحية أو النصب على غافل!
ولمعلوماتكم، ووفق الإحصائية الرسمية لتعداد سكان الكويت في العام 2011، هناك 250 ألف شخص مسجلون كخدم، لكنهم في الحقيقة غير موجودين في منازل كفلائهم! ولو أضفنا إليهم حالات التسلل والإقامات المنتهية تواريخها، فالعدد يصل إلى قرابة نصف مليون شخص مخالف لقانون الإقامة وربما أكثر، أي ما يعادل سُدس سكان الكويت!
يا للهول! سُدس البلد عمالة سائبة!
هل تخيلتم حجم المشكلة؟ وهل أدركتم أن الأرقام التي تسجلها تلك الحملات والمداهمات الأمنية بين حين وآخر لا تمثل إلا نقطة في بحر لُجّي..!
ومع احترامي لجهود رجال الداخلية، وعلمي بما يواجهونه من أخطار قد تصل إلى مقتل عناصر منهم على أيدي المخالفين أثناء عمليات ضبطهم، وقد حدث هذا بالفعل مع الأسف، إلا أنني أقول إن ما يقومون به إن لم يتلازم مع خطوات جادة لاجتثاث المشكلة من جذورها، فإن كل جهودهم تلك لا طائل منها، ولا تمثل إلا فزّة من فزّات (خيل البصرة)!
والجدية التي أعنيها هنا هي حصد الرؤوس (تجار الإقامات)، الذين اتخذوا من الوافد رقيقا يباع ويشترى، بدءا من المبالغ الضخمة التي تقاضوها منه لإحضاره إلى الكويت، بعد أن رسموا له أحلاما وردية تبخرت في الهواء حالما لامست قدماه أرض الواقع المرير، حيث لا عمل حقيقيا يتقاضى عنه راتبا كما تأمَّل، ولتبدأ رحلته مع المعاناة والتسكُّع والتسوُّل!
ولم يكتف المرتزقة الكبار بهذا، بل حشروا الوافد بين نارين، نار الإتاوة السنوية لتجديد إقامته، والتي تصل إلى أرقام لا يحتملها كاهله، ونار السجن إن لم يجدد إقامته، فآثر الهروب من النارين والعمل خلسة، والرضا بالأجر الزهيد والسكن في «جحور» لا تصلح للعيش الآدمي، أو القبول بامتهان أي مهنة تدر عليه ما يسد به رمقه ويكسو به جسده، حتى لو كانت عبر مراتع الفساد وبؤر الجرائم، وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!
إذاً، الحل هو قطع دابر أولئك التجار، وتطبيق نظام رقابة وتدقيق متطور وصارم في ضبط حدود البلد أمام تلك العمالة المبعَدة إن حاولت العودة مرة أخرى ببيانات أو وثائق مزورة..
فإن لم تفعلوا، فـ «تيتي تيتي.. زي ما رحتي جيتي»..!
mundahisha@gmail.com
@mundahisha
المصدر جريدة الكوييتة
قم بكتابة اول تعليق