عزيزة المفرج: جائزة للكوكسة

صحيح أننا لم ولا نفوز بذهبيات في الأولمبياد لكونها من الأمور الحامضة على بوزنا، البعيدة عن شواربنا، ولكن الأول تحوّل، ونحن الآن قادرون على اكتساح جميع الدول، والفوز بالمراكز الأولى في رياضة الهمبكة على شرط ان يكون اللاعبون من كتلة العمل الشعبي بعد ان أثبتوا قدرتهم الفذة على أداء مختلف الحركات الجمبازية مثل الشقلبة، والكوكسة والوقوف على الرأس، والسير على الحبال بالظهر، والقفز فوق العارضة، والانتقال من حال الى حال معاكس تماما برشاقة وبشكل يثير الاعجاب والدهشة. من شهور قليلة، مثلا، كان أعضاء الكتلة غاضبين حد السنّة على الحكومة بسبب ملاحقة المغردين، حيث وصفوا تلك الملاحقة بأنها تعسّف واعتداء على الحريات، ولجم للأفواه، وتقييد للرأي وحرية ابدائه، وتراجع في مكتسبات الكويتيين، وتآمر على الدستور، على الرغم من تجاوز بعض المغردين لأخلاقيات النقد المباح، وجنوحهم نحو السّفالة والوقاحة وقّلة الأدب، وبث الاشاعات في الحديث عن الآخرين، وتخطيهم الخطوط الحمراء في أدب الخلاف، وسبحان اللي يغير ولا يتغيّر. المغرّد الآن لا يجب ان يلجم ويربط لسانه فقط بل يجب ضربه بالمقالع، وتعليقه على أعواد المشانق، وقطع ذراعيه وساقيه من خلاف، عقابا له على ما اقترفت يداه من اثم، وكل هذا قليل عليه.لم يعد القبض على المغردين ومحاكمتهم تعسفا أو اعتداء على الحريات، أو تقييدا لحرية ابداء الرأي، ولكنه استحقاق يحض عليه الدين والشرع والعرف.قد يقول قائل ان الوضع مختلف لأن البعض تمادى الى حد الاساءة لنبي الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعضهم ذهب الى أبعد من ذلك فتطاول على الدين والخالق نفسه، وقام باعلان كفره على الملأ، ولذلك يجب ان يعاقب حسب سياسة خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلّوه. ديننا الاسلامي يقول لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، وان كان هناك عقاب فليكن ولكن بعد الدخول معهم في نقاش منطقي وعقلاني من مختصين يعيدونهم الى طريق الصواب، ولا نظن ان القادر على هداية غير مسلمين الى دين الاسلام عاجز عن ان يفعل ذلك مع من هو مسلم في الأساس، والا اشخانة كل هالدعاة والجمعيات الدينية في الديرة. المرحوم الدكتور مصطفى محمود كان ملحدا، ثم عاد لرشده ودينه بعد ذلك، وألف في ذلك كتابه رحلتي من الشك للايمان ليهدي به الآخرين.اذن هاتوا ذلك الشاب الذي كفر، وقوموا باهدائه ذلك الكتاب الصغير فربما تغير رأيه بعد ان يقرأ لرجل عاش نفس وضعه. عموما، ما كان هؤلاء التويتريون سيصلون الى هذا الحد المخزي في اختيار تعبيراتهم المخلّة لو لم يرتكزوا على كلام أعضاء التكتل الشعبي المدافعين عن الديموقراطية، وحق المواطن في الشتم، عفوا أقصد في الكلام على كيف كيف اللي خلفوه. هؤلاء المغردون يسمعون من يعتبرون نخبة المجتمع يقدمون لهم الأمثلة العملية على قلة الأدب وقلة الحشيمة وقلة الاحترام واستخدامهم الشتائم والمسبات في حديثهم بدلا من الحوار بالعقل والمنطق والتي هي أحسن، فاذا كانت النخبة بالدف ضاربة، فماذا تتوقعون من أتباعها غير التحزّم والرّقص.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.