محمد حيات: تهريج سياسي!

كم هي بحاجة الكويت للتشريع التنموي والرقابة الصادقة من قبل السلطة التشريعية وحسن تنفيذ وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز واحترام دولة المؤسسات الدستورية من قبل السلطة التنفيذية، فقد هاجرت تلك الاحتياجات الأساسية ديارنا منذ سنواتٍ طويلة هاربة من الفردية السياسية المسيطرة على عمل السلطتين في الكويت، وأصبحت السلطة التنفيذية بأكملها وبموظفيها أي (وزرائها) أسيرة مزاجية (ومود) رئيس وزراء الدولة!! وأصبحت السلطة التشريعية مبعثرة ما بين خمسين نائبا ورأيا وأولوية ومكاسب انتخابية!! ناهيك عن الأمراض والأوبئة المتناثرة في المجتمع من (صراعات إقصائية) من طائفية وقبلية وعائلية ومناطقية بفضل سياسة فرق تسد الحكومية منذ تعديل نظام الدوائر الانتخابية في بداية الثمانينات!!
وأصبح من الطبيعي أن تهاجرنا الاحتياجات الأساسية للتطوير والنهوض كالتشريعات التنموية والرقابة الصادقة من قبل السلطة التشريعية وحسن تطبيق القوانين واحترام دولة المؤسسات من قبل السلطة التنفيذية، فهذه الاحتياجات لا تتماشى وتتعايش مع هذه البيئة السياسية التي نعيشها ولا تتكاثر من خلالها أبداً!! فالفوضى تعصف بنا يميناً وشمالاً، يتغير أكثر من رئيس حكومة ووزراء وتتبدل وجوه النواب ولكن تبقى الثقافة واحدة والمعاناة واحدة والأمراض تتكاثر يوماً بعد الآخر!! حتى وصل بنا الحال إلى وجود غالبية نيابية نصبت نفسها بالوهم بأنها حزب واحد منظم لتصنع من نفسها (مرمى) يُسجل به كل (يتيم) أهدافاً بقصد تصفية الحسابات السياسية بفضل سذاجة وبساطة ورعونة وسطحية بعض نواب الكتلة!! وأصبحنا نملك أقلية برلمانية مبعثرة ومشتتة لا تملك نهجاً وهدفاً ورؤية فهي تعيش على ردة الفعل والتشويش وتعظيم توافه الغالبية، فهم في جولة سياسية نيابية ترفيهية لمدة معينة إن طالت ستبقى كحد أقصى لمدة أربع سنوات!! وما زلنا نملك تلك الحكومات التي يُديرها (مزاج) سمو الرئيس ويتبعهُ موظفوه، فلا إصلاح ولا تطبيق للقانون، مجرد شِعارات وبيع للأوهام (سنعمل وسوف نعمل) والبلد مكانك راوح بلا عمل!! ويتساقط موظفوها واحداً تلو الآخر!!
إذاً بعد هذا المناخ السياسي الفردي المتقلب وغير المستقر من قبل السلطتين، يصبح من الطبيعي أن نرى نواباً من أولوياتهم (تنتيف الريش والاستهزاء بالنشيد الوطني وعلم الدولة وإلغاء الملتقيات الثقافية وبتر المسرح والأدب والثقافة والفنون ووصف جزء كبير من مكونات المجتمع بالطراثيث وتشريع القوانين العاطفية والانتخابية والمتاجرة بالدين من أجل التصلب على الكرسي النيابي)، ويصبح أيضاً من الطبيعي أن نرى وزراء على شاكلة (كلنا إجنودك سيدي) من كل الطوائف لذر الرماد في العيون تحت لواء المحاصصة!! والسلطتان جعجعة مدوية بلا طحين ولا رغيف خبز والعمل السياسي تحول صيغة العمل إلى صيغة التهريج!!
إلى متى هذه الفردية في العمل السياسي؟ إلى متى ننتخب أفراداً لا أحزاباً؟ إلى متى سيستمر نظام الدوائر الخمس؟ إلى متى نسمع ولا نرى الأحزاب السياسية التي تعمل على السطح والدائرة الواحدة واستقلال القضاء ومشروع حماية المبلغين عن الفساد وهيئة محاربة الفساد؟ إلى متى ستُشكل الحكومة بهذه الفردية دون مباركة شعبية ونيابية؟ إلى متى لا نحسن الاختيار؟ إلى متى نقصي أنفسنا عن بعضنا كشعب؟ إلى متى يا شعب نشكو والسبب نحنُ؟ إلى متى هذا التهريج السياسي؟!
ملاحظة : صحيح بأننا نرفض بشكل قاطع استهتار بعض نواب الأمة بالنشيد الوطني والعلم الكويتي ولكننا نرفض أيضاً المزايدات بقصد تصفية الحسابات السياسية مع هؤلاء النواب المخطئين!!!

Twitter : @m_joharhayat
Mjh_kuwait@hotmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.