تدافعت الودائع الخليجية، وخصوصاً السعودية والإماراتية وأخيراً الكويتية لتأخذ مواقعها في خزانة البنك المركزي المصري لتعيد الثقة المالية الى هذا البلد، ولكي ترفع من احتياطي النقد الأجنبي الذي أكلت الثورة المصرية منذ بدأت حتى الآن أكثر من نصفه.
في الوقت الذي يرحب فيه المصريون بهذه المساعدات الخليجية النقدية والنفطية التي ستساعد مصر على النهوض من ظروفها الصعبة الراهنة، وإعادة الثقة السياحية والتجارية والصناعية إليها، نجد بعض أفراخ الإخوان في دول الخليج «يعايرون» أنظمتهم بأنها لم تمد يد العون كما يجب الى مصر محمد مرسي.. بينما هي اليوم تمد كل العون الى مصر ما بعد محمد مرسي.
وهذا الكلام مردود عليه ببساطة، وهل تنتظرون بسذاجة أو بخباثة أو باستهبال من دول الخليج أن تدعم نظاماً مصرياً كانت أفراخه تفكر في كيفية الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في دول الخليج، وهل كنتم تتوقعون من الخليج أن يعين الإخوان على التمكن من مصر وخنقها ببراثنهم وهم يعلمون أنهم – كدول خليجية – الهدف القادم للاخوان؟
أي استهبال هذا؟!
ما يعرفه الخليجيون، وعرفته مصر مؤخراً هو أن الإخوان إذا تمكنوا من تلابيب دولة فإنهم لا يتركونها، ونصيحتي لإخوان الكويت، توقفوا عن «اللطمية» المتواصلة التي تمارسونها ليل نهار بتوجيه واضح ونفس واحد، وحاولوا أن تتعلموا.. أو حتى تتظاهروا بتقديم مصلحة بلادكم على مصالح حزبكم.
وتعلموا تقبل الهزيمة، واعرفوا مواطن ضعفكم التي أفقدتكم الشعبية والاحترام، كفوا عن ترديد الخطاب الموحد الممل الذي يثبت أنكم مجرد أدوات وأبواق تردد ما يملى عليها.
٭٭٭
(انفاق 5 نجوم في غزة!)
لعدة أيام كنت أظن ان الإعلامي المصري عمرو اديب يبالغ في سوء النية والتوقعات عندما اشار في برنامج تلفزيوني له فور اسقاط الرئيس المصري السابق محمد مرسي الى ان ازمة البنزين والسولار في مصر تم حلها بعد يوم واحد فقط، مشيرا الى ان أزمة السولار والبنزين الآن بدأت في غزة، في تلميح منه الى ان البنزين والسولار كان يوجه كم كبير منهما الى غزة يوميا برعاية من حكومة مرسي الاخوانية التي تفضل مصلحة حماس على مصلحة ابناء مصر.
امس قرأت تقريرا صحافيا مميزا في صحيفة اخبار اليوم المصرية التي تمكن مراسلها من ترتيب تحقيق صحافي مع متخصصين في التهريب عبر الانفاق، لاكتشف عالما غريبا وكبيرا في تلك المناطق التي صار اهلها من الاثرياء الجدد.
في محافظة شمال سيناء تبين ان هناك المئات من الأنفاق السرية المخصصة لتهريب البضائع من مصر الى قطاع غزة، هذه الانفاق كانت تهرب كل شيء، من السيارات (التي اوقف تهريبها منذ فترة وكانت كلفة تهريب السيارة الواحدة نحو 7 آلاف دولار)، الى الاسمنت والصلبوخ كمواد اساسية للبناء والمواشي التي حدد المهربون اسعارها بـ20 دولاراً لرأس الاغنام و70 دولاراً للعجل الواحد.
هذه الانفاق تقوم عليها أيضاً أعمال عائلية ما بين البلدين، ومن قاد مراسل أخبار اليوم الى تلك الأنفاق حيث عبرها وقام بتصويرها هو شخص متخصص واستخدم لذلك الغرض أنفاق أبناء عمومته.
الانفاق مزودة بالكهرباء التي يتم توليدها من مولدات خاصة، ومزودة بأجهزة ورافعات كهربائية وسيور خاصة لنقل مواد البناء التي يتم تهريبها، كما ان هناك أنفاقاً لتهريب البشر بعضها من فئة الخمس نجوم بكلفة 250 دولاراً للشخص الواحد وتكون أنفاقاً نظيفة ومكيفة، اما انفاق «الغلابة» كما وصفتها الصحيفة المصرية فهي بكلفة 50 دولاراً للشخص الواحد. وتنتهي هذه الأنفاق بأبواب حديدية جهة القطاع يشرف عليها بعض من أهالي غزة.
معظم هذه الأنفاق تقام أجسامها الرئيسية في المنطقة العازلة بين مصر وغزة، وتفتح لها عدة عيون في مصر وغزة، بعضها لو رسمت لها خريطة سوف تكون بشكل فروع كثيرة مرتبطة بالشجرة، بما يسهل إعادة فتح منافذ اخرى للنفق كلما قام الجانب المصري بردم هذه العيون. والعيون الواقعة في الجانب المصري بعضها تفتح في منازل او أحواش يسكنها مصريون من أهالي شمال سيناء، وبعضهم ينصبون الخيام فوق تلك المنافذ.
عن نفسي، أتعاطف مع الحاجات الإنسانية الحقيقية لأهالي غزة أو أي إنسان على وجه الأرض، لكني لا أتعاطف مع اي انسان يضحي بمصلحة بلده لمصلحة بلد آخر ويضحي بمصلحة شعبه لمصلحة شعب آخر.. فمثل هذا الإنسان لا يستحق ان يذرفوا عليه دمعة واحدة، فما بالكم بالدماء تسيل بين المصريين لأجله؟!
٭٭٭
أتمنى.. أن يتوقف الشعب المصري عن «المليونيات» والتجمعات، وأن يلتفت لتعزيز قيمة العمل والالتزام.. فليس من المعقول ان كل هؤلاء في الساحات بلا أعمال.. والعمل عبادة.. ولن تتحسن الظروف في مصر العرب إلا بالعمل والإنتاج.
إنها مجرد أمنية من محب، ولتبدأ «مليونيات» العمل و«مليونيات» الإنتاج.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
@waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق