إبراهيم العوضي: رفع «الخرجة»

ازداد الوضع الرياضي تعقيدا بعد رفض مجلس الأمة الكويتي طلب وزير الشؤون في شأن تكليف اللجنة الصحية لدراسة التعديلات الرياضية المقدمة من الحكومة والتي ضمن من خلالها الوزير رفع الايقاف عن الرياضة الكويتية وبالتالي رفع علم الكويت في دورة الألعاب الاولمبية. هذه القضية تفرعت وتشعبت وطالت اليابس والخضر وأصبحت مع مرور الأيام ومنذ اقرار القوانين الرياضية في عام 2007 حتى يومنا هذا مجالا خصبا للتناحر بين طائفتين والخاسر الوحيد فيها هو الكويت، مع ايماني التام بأن القضية لن تحل فقط حسب ادعاء الوزير بالتعديلات المذكورة، فالمشلكة ليست في النصوص ولكنها في واقع الأمر في النفوس.
حكومات متعاقبة ووزراء شؤون من مختلف التوجهات والتيارات تقلدوا زمام وزارة الشؤون ووقفوا موقف المتفرج الذي لا يستطيع عن عمد التفريق بين الحق والباطل وبين مصلحة الكويت ومع من يقف ضدها وبين من سعى لحل هذه القضية في مقابل من ماطل وحاول اجهاض المحاولات لتخطي كارثة الايقاف وحاولت معها تسويف القضية أملا بعدم التصادم بأي من الفريقين وبالتالي الابتعاد عن شبح المواجهه التي كانت تؤرق وزراء حكومة ناصر المحمد آنذاك.
لقد وصل حالنا اليوم للوقف بين سندان الانتصار للدستور واحترام رأي الشارع في من يمثلهم في المجلس وتطبيق القوانين المحلية و التمسك بالعمل المؤسسي وبين مطرقة فرض التعديلات التي عرضها الوزير بناء على توصيات اللجنة الأولمبية الدولية. أستغرب كما يستغرب غيري كيف صحت الحكومة من سباتها العميق لتأتي وتفرض على اللجنة الصحية الاجتماع على هامش الجلسة وأن تفرض عليها كذلك تقديم تقريرها خلال ساعة واحدة فقط في قضية متشابكة وصعبة امتدت أكثر من خمس سنوات وأن يفرض على المجلس مناقشة التعديلات المذكورة في المداولة الأولى والثاني، كل ذلك في جلسة واحدة.
كل ذلك لا يمنع من أن تتضافر الجهود وأن تقوم اللجنة الصحية بدورها في دراسة التعديلات بدقة وتأنٍ وبالتالي رفع التوصيات المناسبة للتصويت عليها في المجلس ضمن أطر وضوابط العمل المؤسسي البرلماني، كما يجب علينا أن نحاسب من دبر الايقاف الذي طال الكويت بين ليلة وضحاها، وأن تكشف جميع الوثائق والمراسلات والمخاطبات التي تمت بين الداخل وبين الجهات الرياضية الدولية حتى تكتشف الحقائق وكذلك يجب محاسبة مسؤولي الاتحاد ومعرفة حقيقة قضية اقتحامه ( ان صح ذلك من خلال معرفة جميع المراسلات التي تمت مع الاتحاد الدولي بهذا الخصوص) وتحديد الاطراف المسؤولة عن هذه الفضيحة التي طالت الكويت.
علم الكويت غال ورفعه ضمن الدول المشاركة في الألعاب الأولمبية والتي بلغ عددها 202 دولة ضرورة، علما بأن هناك ثلاث دول فقط سيتم منعها من المشاركة بأسماء دولها حتى هذه اللحظة وهي الكويت وجنوب السودان وكوسوفو، ولا شك أن ذلك سيكون له بالغ الأثر السلبي على مكانة الكويت المرموقة عالميا، فكيف مثلا لبطل أولمبي يتمكن من تحقيق احدى الميداليات الغالية بالشعور بنشوة الانتصار وهو يقف على منصة التتويج ولا يرى علم الكويت خفاقا ولا ينشد السلام الوطني؟
أما من وصف علم الكويت بـ (الخرجة) والذي لا يعني لرفعها أي مدلول فهو بكل تأكيد لا يعي مفهوم السيادة الذي يعتبر العلم أحد أركانه، ولا يعرف ما يمثله علم الدولة من مكانة في قلوب مواطنيها، ولا يدرك بأن العلم هو أحد رموز وأركان أي دولة، وكيف قاتل الكويتيون من أجل رفعه ابان الغزو؟ وكم شهيدا انتقل إلى البارئ عز وجل من أجله في مواجهة قوات الاحتلال، ولا عجب في ذلك اذا كان جميعنا يعلم أنه ينتمي لنفس توجه من لا يقف احتراما للنشيد الوطني.

Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.