أطلعت أخيرا على جملة من التقارير الصادرة عن منظمة العمل الدولية والمتعلقة بالعمالة الوافدة في دول العالم وعلى كلمة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي على هامش مشاركتها في المؤتمر السنوي للمنظمة حول دور الكويت في مواكبة المعايير الدولية المتعلقة بحقوق العمال من خلال اتباع أفضل المسارات لضمان وحماية حقوقهم وتحسين مستواهم وأوضاعهم المعيشية. استرجعتني هذه الكلمة قليلا إلى الوراء من خلال مقال كتبته في هذه الزاوية وتحديدا قبل سبعة أشهر بعنوان ( ماكو فاسد واحد!!!) علقت في ختامها على تصريح الوزيرة الشهير بأنها ستحول قريبا جميع تجار الإقامات إلى النيابة العامة!
ويبدو أن توقعاتي ما زالت، على الأقل حتى الآن، في محلها، فقريبا تعني أياماً معدودة، شهراً، شهرين… ليس اكثر. الشاهد، أن الوزيرة تعتقد أنها تعيش في بلد آخر وأن حماس أول أيام تقلد المنصب الوزاري سيساعدها على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وتناست أن الوصول إلى تجار الإقامات صعب المنال، لم يستطع أي وزير قبلها من الوصل لهم والكشف عنهم.
إنه من المؤسف حقا، أن نتابع مشاهد القبض اليومي على هذه العمالة السائبة، والتي في الحقيقة سببت إشكالات عديدة واختلالات واضحة في التركيبة السكانية، دون أن يصحب ذلك الكشف عن هويات من يكفلهم ومن يقف وراء انتشارهم في الكويت. فالكثير منهم ترك موطنه وابناءه وأهله بحثا عن لقمة العيش وطمعا في كسب الرزق، إلا أنه تفاجأ أنه يعيش تحت رحمة تطبيق القانون بعد ان أنفق ما يملك في سبيل استقدامه إلى الكويت.
لقد كان من الأوجب على وزارة الداخلية، إذا كانت بالفعل ترغب في تطبيق القانون، أن تبحث عن من يقف وراء هذه العمالة وأن يتم الكشف عنهم في وسائل الإعلام وأمام مرأى ومسمع جميع المواطنين وأن يقدموا للقضاء ليحكم عليهم، حتى يكونوا عبرة لغيرهم. كما تمنيت أيضا أن تقوم الوزارة بما قامت به المملكة العربية السعودية بإمهال المخالفين لقوانين العمل فترة زمنية معينة ليتمكن من يرغب بتصحيح أوضاعه، مع العلم بأن السعودية استطاعت خلال ستة أشهر من تصحيح أوضاع أكثر من مليون ونصف المليون عامل. فوضع العمال غير القانوني في الكويت لا يتحمل وزره العامل وحده، بل أنه واقعيا ضحية لتجار البشر دون أن يكون له أي ذنب.
كما أن كثيرا من الشركات الكويتية قد عانت الأمرين من هذا الوضع، نتيجة لتعسف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الموافقة على طلبات استقدام العمالة على الرغم من اكتمال الشروط الواجبة، بحجة اكتفاء سوق العمل أو بسبب إغلاق طلبات استقدام العمالة، فتساوى بذلك الصالح مع الطالح! وعند البحث عن الحل فهو بسيط وبتوجيه من مسؤولي الوزارة، ابحث عن العمال داخل السوق المحلي، وكأن الوزارة شريك في تشجيع تجار البشر من خلال إيجاد وتوفير سوق محلي للعمال على أن تكون الشركات المحلية مضطرة بالحصول على خدماتهم!
ما نحتاجه هو قليل من المنطق، ابحث عن الأسباب وحاسب المتسبب ليس أكثر، ولكن ذلك لن يحدث طالما أن الاعتقاد السائد هو أن تجار البشر أكبر من القانون والوزيرة ذاتها! فهل من المعقول (ماكو تاجر بشر واحد!!!)
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق