إقبال الأحمد: إعلام الفساد

بسقوط الأنظمة العربية في بعض دول الريبع العربي سقط الإعلام الرسمي في كل العالم العربي، وقرئت عليه الشهادة.. وولد إعلام جديد أكثر قدرة على مواجهة الواقع، والتحدث بلغة واحدة مشتركة تعبّر عن طموح الشارع.. لغة تتحدثها الأغلبية تفهمها.. تتفاعل معها.. وتتأثر فيها.. لأنها تتحدث عنها من دون وسيط.

هناك مصطلح قرأته أعجبني كثيراً «الإعلام الالكتروني.. سلطة دون مسؤولية.. وهو اعلام المواطن»، فكل مواطن اليوم يستخدم مواقع التواصل أصبح إعلامياً يقول ما يريد، ويوجه ما يريد، وينتقد من يريد، ويمدح من يريد، بالكلمة والصورة أحياناً.. كيف لا والمسؤولية كانت عائقا أساسيا يحول دون وصول الكلمة بقوتها وقسوتها وبكل ما تحمله من انتقاد.. وبزوال المسؤولية تزول الفرامل وتنطلق الكلمات من كل مكان وبكل زمان دون فرامل او فلترة.. وهذا ما حصل في ربيعنا العربي.

لا يمكن الإنكار أبداً أن ما اصطلح على تسميته «الربيع العربي» وفر مخاضاً إعلاميا لا سقف له.. استوعب كل التوجهات والآراء، متجرداً من الخوف والتردد والحياء في بعض الاحيان، مما ساعد كثيراً على بروز ابداعات إعلامية عكست جو الثورات، مما عجّل بموت الإعلام الكلاسيكي الخاضع للأنظمة والسلطات والحكومات.

لا شك أن الإعلام الخليجي، وخصوصاً قناتي «العربية» و«الجزيرة» لعبتا دوراً محورياً ومهماً في تعريف الشعوب العربية بما يحدث داخل دول الربيع العربي، ومتابعة أحداثها أولاً بأول، وتلمس حجم القمع والبطش، والانتهاكات التي كانت تمارسها بعض الأنظمة العربية والجديدة.. وان كانت المقارنة بين الفضائيتين ظلم بحق «العربية».

هل يمكننا القول ان الإعلام الخليجي كان إعلاما مؤثرا في تطورات الربيع العربي.. نعم وبكل تأكيد، لأنه هو من لعب دوراً رئيسياً في نقل الثورة من محيط الشارع الذي بدأت فيه إلى محيط العالم العربي والعالم كله واستمرارها وبقائها متقدة، الا ان المصلحة الخاصة سواء للانظمة المالكة للقناة، او مالك القناة الاعلامية نفسه، هو الموجه الاول والاخير لسياسة التغطيات واتجاهاتها وصولا للهدف المطلوب.

وما الاستقالات الجماعية لبعض موظفي قناة الجزيرة، احتجاجا على عدم الموضوعية في نهج العمل فيها في تغطية احداث مصر الاخيرة.. ولاستخدامها اساليب ملتوية، وقفز على الحقائق، في سبيل ايصال معلومة خاطئة وغير دقيقة وليس في محلها، حتى تنجح في اسلوب تعاملها مع احداث مصر الاخيرة، الا صورة من هذا المشهد.. وتعبيرا واقعيا عما يحدث داخل قناة الجزيرة التي هدمت الشارع العربي ومزقته.

وقد لمست هذا جيدا خلال وجودي في مدينة طنجة المغربية بدعوة كريمة، للمشاركة في المشهد الثقافي هناك في مهرجان اصيلة الرائع من حيث الترتيب والتنظيم وموضوعات النقاش.. حين كنت مضطرة لمتابعة الجزيرة، لعدم وجود اي مصدر اخر ينقل لي المشهد الثائر في مصر يوم 30 يونيو.. حين كانت كاميرات تلك الفضائية مسلطة على مسيرات وتظاهرات مؤيدي الاخوان المسلمين هناك، متجاهلة اكبر خروج شعبي سلمي رافض لقيادته في عالم السياسة، كما ذكرت محطة الــ«بي.بي.سي» والمشاهد المتغيرة بسرعة.. حينها شعرت مرة اخرى بمرارة استغلال الاعلام لهدف غير نبيل، وغياب الموضوعية فيه وضياع الحق.. وهو الشعور الذي لطالما عشته بعد احداث الغزو العراقي للكويت، حين كانت «الجزيرة» لا هم لها سوى تبرير الغزو والهجوم على الكويت.. حين وقفت مع الجاني ضد المجني عليه.

أتمنى من كل قلبي ان تكون الصفحة الجديدة التي فتحت في تاريخ قطر الشقيق، بتولي الشيخ تميم الحكم بعد والده، صفحة جديدة ايضا في محطة الجزيرة، وان تطوي ألاعيبها وينتهي تزويرها للتاريخ والاحداث.. وتعود قناة عربية خليجية محترمة تضع الموضوعية نصب عينيها.. وذلك لن يكون الا باقالة بعض المحاورين والمذيعين فيها، الذين كانوا السم الذي سمم الجسد العربي وزاد ضعفه ووهنه.

* * *

• بعد ماكتبته عن التعدي على قوانين المرور بكل جرأة امام مجلس الوزارء، بوقوف السيارات امام احدى البوابات الرئيسية في اماكن ممنوع الوقوف في مشهد بشع.. زاد عدد السيارات المخالفة، بل تضاعف امام أعين كل كبار مسؤولي الدولة.. اشرايك لواء عبدالفتاح؟

إقبال الأحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.