“وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا”(البقرة 282)
أعتقد أن المشاركة في إنتخابات مجلس الأمة بالترشح والتصويت تمثل الإرادة الحرة, فمن يريد فعلاً الحفاظ على إرادته الانسانية حرة عليه أن يمارسها بشكل حر في مناخ ديمقراطي صحي, ومن هذا المنطلق, فمقاطعة الانتخابات بحجة وبزعم الحفاظ على “إرادة” الشعب والأمة تتناقض مع الواقع, فالإنسان الحر والمواطن الحق هو من يدرك أن إرادته حرة ولا يستطيع الآخرون اختزالها في ذواتهم الشخصية, ومن أنصع أمثلة ممارسة الإرادة الحرة في سياقنا الكويتي الديمقراطي المشاركة بالترشح وبالتصويت في الانتخابات البرلمانية والبلدية.
إضافة إلى ذلك, المواطن الحر فعلاً لا يتنازل عن حقه الدستوري في التصويت في انتخابات مجلس الأمة, بل أعتقد أنه كلما زادت نسبة الاقبال على التصويت سنتمكن من بناء مجلس أمة كفؤ ويعكس تطلعات الشعب الكويتي الحر والأبي. والارادة الحرة التي تتمثل في المشاركة في الانتخابات هي أيضاً تفعيل مباشر وإيجابي للضمير الانساني الحر. فالإنسان الحر والأبي يمارس ما يمليه عليه ضميره الحي ولا يسمح للآخرين بمصادرة استقلاليته الشخصية أو رهن إرادته الحرة بهدف تحقيق مصالحهم السياسية والشخصية الضيقة.
سأشارك شخصياً في الانتخابات البرلمانية المقبلة لاعتقادي أنني مواطن حر ومستقل يحاول تلبية نداء وطنه الكويت, فإذا كانت قيمة الانسان تقاس بما يقدمه لوطنه, فأنصع أمثلة خدمة الوطن تتمثل في سياقنا الديمقراطي الحالي عبر ممارسة إرادة حرة في التصويت, بل أن المشاركة تدل على امتلاك الفرد الحر والمستقل حسا وطنيا كويتيا نبيلا, فمن يدرك أن مسؤوليات المواطنة الكويتية هي واجبات أخلاقية نبيلة يدرك أيضاً أن الانسان حر الإرادة فقط هو من يستطيع الايفاء بمتطلبات المواطنة. بمعنى آخر, سأشارك في الانتخابات البرلمانية لأنني أعتقد أنها طريق الصواب والقناة الدستورية والقانونية المشروعة لتكريس الاصلاح الاقتصادي والتعليمي والثقافي في بلدي.
بل ان المشاركة في الانتخابات تعكس القاعدة الفقهية العامة: “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” ومن هذا المنطلق, سيتحقق الاصلاح الفعلي عن طريق الايفاء بواجب المشاركة والتصويت. وبالطبع, المواطن الحق والايجابي لا يعير اهتماماً كبيراً لأي خطاب انهزامي وتحريضي وسلبي يحاول تحبيطه عن أداء واجباته ومسؤولياته الاجتماعية. فالمشاركة الايجابية في الانتخابات تكرس مزيداً من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتحقق التغيير الايجابي بشكل مباشر.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق